كتاب الأصول في النحو (اسم الجزء: 3)
وقالَ محمد بن يزيد: إِنّما نظر إلى هذه الياءاتِ التي تقعُ في هَذا المكانِ في الجمعِ فإِذَا هيَ تقعُ لعللٍ. إمّا أَنْ تكونَ كانتْ في الواحدِ فرجعتْ في الجمع نحو: مِصْباحٍ ومَصَابيحٍ وقِنديلٍ وقَنَاديلٍ وجُرموقٍ وجَرَاميق1، وإِمَّا وقعتْ لشيءٍ حذفتهُ مِنُ الاسم فجعلتَها عوضًا وذلكَ قولُكَ في "مُنطلقٍ": مَطَالقُ حُذفتِ النونُ لزيادتِها شئتَ قلتَ "مَطَاليقُ" فجئتَ بالياءِ عوضًا وذلكَ أنَّ الكسرةَ تلزمُ هذَا الموضعَ فوضعتَ العوضَ مِنْ جنسِ الحركةِ اللازمةِ فلمَّا اضطرَّ أَدخلَ هذِه الياءَ تابعةً للحركةِ وإِنْ لم تكنْ للواحدِ وجعلَ الصورةَ بمنزلةِ ما عُوضَ للكسرةِ منهُ وقَد كانَ يستعملُ هَذا في الكلامِ تشبيعًا للكسرةِ في غيرِ موضعِ العوضِ ولا الضرورةِ وذلكَ قولُكَ: دَانقٌ ثُمَّ تقولُ: دَوانيقُ وتقولُ في جمعِ "خَاتمٍ": خَواتيمُ.
__________
1 في الكامل للمبرد/ 143، يقال في خاتم، خواتيم، وفي دانق: دوانيق، وفي طابق: طوابيق، ثم أنشد بيت الفرزدق:
تنفي يداها الحصى في كل هاجرة..
الثاني: إجراؤهم الوصلَ كالوقفِ:
مِنْ ذلكَ قولُهم في الشعرِ للضرورةِ في نَصبِ "سَبْسَبٍ وكَلْكَلٍ": رأَيتُ سبسبًّا وكَلْكلًا ولا يجوزُ مثلُ هَذا في الكلامِ إلا أن يقولَ: رأيتُ سَبْسَبًَّا وكَلْكَلًا وإِنَّما جازَ هَذا في الضرورةِ لأَنَّك كنتَ تقولُ في الوقفِ في الرفعِ والجرِّ: هَذا سَبْسَبٌّ ومررتُ بسَبْسَبٍّ فتثقلُ لتدلَّ علَى أَنَّهُ متحركُ الآخرِ في الوصلِ لأَنَّكَ إِذا ثقّلتَ لم يحزْ أَنْ يكونَ الحرفُ الآخرُ
الصفحة 451