يجوزُ أَن يليَهُ الفعلُ فإذَا كُفَّ "بِمَا" وبُنيَ معهَا وَلِيَهُ الفِعْلُ ومِنْ هَذا البابِ قولُ الفرزدق:
وَمَا مِثْلُه في النَّاسِ إلا مُمَلكاً ... أَبو أُمهِ حَيٌّ أَبوهُ يُقَاربُه1
يريدُ: مَا مثلُه في الناسِ حَيٌّ يقاربهُ إلا مُملكٌ أَبو أُمِ ذلكَ المملكِ أَبوهُ ولكنْ نصبَ مملكًا حيثُ قَدَّمَ الاستثناءَ ومِنْ هذَا فصلُهم بالظرفِ بينَ المضافِ والمضافِ إليهِ نَحو قولِه:
"كَمَا خَطَّ الكتابُ بكفِّ يَوماً ... يهوديٍّ يقارِبُ أَو يُزِيلُ2
وكقول الآخر:
للهِ دَرُّ اليومَ مَنْ لامها3
__________
1 إنما أراد: وما مثله في الناس حي يقاربه إلا مملك أبو أمه أبوه. فتعسف هذا التعسف، ووض أشياء في غير مواضعها، وهذا من شواهد البلاغة، يذكر للتعقيد الفظي، وقد مدح الشاعر بهذا خال هشام بن عبد الملك فقال: ما في الناس حي يقارب خال هشام إلا هشام الذي أبو أمه أبه، يعني أن جد هشام لأمه هو أبو هذا الممدوح، ونصب مملكا لأنه استثناء مقدم، كما قال: مالي إلا أباك صديق. إذا أردت: مالي صديق إلا ابوك.
وانظر: الضرائر/ 14. والأغاني 19/ 15 وروايته "مملك" بالرفع والموشح/ 228. وشرح السيرافي 1/ 248، والديوان/ 108.
2 مر تفسير هذا الشا هد في الجزء الثاني.
3 مر تفسير في هذا الجزء.
الرابعُ: هو إبدالُ حرفِ اللينِ مِنْ حرفٍ صحيحٍ:
اعلَمْ: أَنَّ الشاعرَ يضطر فيبدلُ حروفَ اللينِ مِنْ غيرِها كَما قَالَ:
لهَا أَشاريرُ مِنْ لَحْمٍ تُتمِّرُهُ ... مِنَ الثَّعِالي وَوَخْزٌ مِنْ أرانِيها1
__________
1 من شواهد سيبويه 1/ 334 على إبدال الياء من ياء "الثعالب والأرانب"، شذوذا وجعله بعضهم من باب الترخيم عند الضرورة بتعويض الياء. وعند المصنف من باب الإب دال لا من باب التخريم. والأشارير: جمع إشرارة هي قطعة من اللحم تقدد للادخار. وتتمره: تجففه. والوخز: شيء ليس بالكثير. وأصل الوخز: الطعن، وقيل: الوخز الخطيئة بعد الخطيئة. والأراني والثعالبي: اصلها: ثعلب وأرنب أبدلت الياء الموحدة فيهما. وصف الشاعر: فرخة عقاب تسمي غبة كانت لبني يشكر. والبيت لأبي كاهل النمر بن تولب اليشكري.
وانظر: الضرائر/ 153 والشعر والشعراء/ 49 و101. والوشح/ 155. ومعج م المقاييس 1/ 355. واللسان "تمر". والمفصل لمزمخشري/ 365. والتهذيب 4/ 329، والهمع 1/ 181. والدر اللوامع 1/ 157. وشرح السيرافي 3/ 80 والجمهرة لابن دريد 2/ 13. ومجالس ثعلب/ 299.