كتاب الأصول في النحو (اسم الجزء: 3)

إذَا ما المرءُ صُمَّ فَلَم يُكَلَّمْ ... وأَعيَا سَمْعُهُ إلا نَدَايا
ولاعَبَ بالعَشي بني بنيهِ ... كفعلِ الهرِّ يَلْتَمِسُ العظَايَا
يلاعبُهم ووَدوا لو سَقوهُ ... فأَبعدهُ الإِلهُ ولا يُؤتَى
مِنَ الذِّيفانِ مُترَعةً إنَايَا ... ولا يُعَطّى مِنَ المَرضِ الشِّفَايَا
قالَ أبو العباس: فَمَنْ أَجازَ هذا فلا ضرورةَ لَهُ في إجازتهِ إلا الروايةُ وَهوَ أَحقُّ كلاَمٍ بِالرفعِ وأَولى قَولٍ بالردِّ وإنَّما حقٌّ هَذا الشعرِ أَنْ يكونَ مهموزًا فيقولُ: ولا يُعَطّى مِنَ المرض الشِّفَاءَ وكذلكَ العَظَاءَ وَأَعْيَا سمعهُ إلا النداءَ ومِنْ ذلكَ إبدالُ الهمزةِ في الموضعِ الذي لا1 يقومُ فيهِ الشعرُ بتحقيقهِ ولا تخفيفهِ2 فإنْ كانَ مفتوحاَ جُعِلَ ألفًا وإنْ كانَ مكسورًا جُعِلَ ياءً وإنْ كانَ مضمومًا جُعِلَ واوًا نحو قول الفرزدقِ:
رَاحَتْ بِمَسْلَمَةَ البغالُ عَشِيَّةً ... فأرْعَى فَزَارةُ لاَ هَنَاك المَرْتَعُ3
__________
1 لا: ساقطة في "ب".
2 قال المبرد في المقتضب 1/ 166 "ولو جاز أن تقلب الهمزة إلى حروف اللين لغير علة لجاز أن تقلب الحروف المتقاربة المخارج في غير الإدغام، لأنها تنقلب في الإدغام كما تنقلب الهمزة لعلة". وانظر: الكتاب 2/ 170.
3 من شوا هد سيبويه 2/ 170 على إبدال الهمزة ألفا للضرورة، وإن كان حقها أن تجعل بين بين، لأنها متحركة، أراد: لا هناك.
وقيل هذا: حين عزل مسلمة بن عبد الملك عن العراق ووليها عمر بن هبيرة الفزاري فهاجم الشاعر ودعا قومه بأن لا تهنأهم النعمة بولايته.
وراحت: بمعنى: رجعت، واوراح والغدو، عند العرب يستعملان في المسير، أي وقت كان من ليل أو نهار، وأراد بغال البريد التي قدمت بمسلمة عن عزله.
والمرتع: مصدر ميمي، فزا رة منادي.
وانظر: المقتضب 1/ 167. الكامل/ 478، والخصائص 3/ 152. والحجة 1/ 301. وشرح السيرافي 1/ 234. والمقرب لابن عصفور/ 175 وابن يعيش 9/ 113. والأضداد لابن الانباري/ 209. والرواية: راحت بمسلمة الركا ب والمحتسب 2/ 173. والديوان/ 508.

الصفحة 469