وإنّما كانَ النصبُ فيما خالفَ الأَولَ على إضمار "أَنْ" إذا قالَ: ما تأتني فتُكرِمَنِي كأَنَّه قالَ: ما يكونُ مِنكَ إتيانٌ فأَنْ تكرِمَني فإذَا قالَ: أَنتْ تأتيني فتكرُمني فهوَ كقولِكَ: أَنتَ تأتيني وأَنْتَ تكرِمُني فإذَا نَصَبَ للضرورةِ كانَ التقديرُ: أَنْتَ يكونُ مِنكَ إتيانٌ فأَنْ تكرمَني ومِنَ الضروراتِ وهوَ مِنْ أَحسنِها في هَذا البابِ.
وقاَلَ أبو العباس: لو تَكلمَ بها في غيرِ شعرٍ لجازَ ذلكَ قولهَ1:
__________
1 من شواهد الكتاب 1/ 145 على حذف الفعل الناصب "للأفع وان" وإنما نصب الأفعوان والشجاع، لأنه قد علم أن القدم هَهُنَا مسالمة، كما أنها مسالمة، فحمل الكلام على أنها مسالمة، ورواه الكوفيون بنصب: الحيات، وذهبوا إلى أنه أراد "القدمان" فحذف النون.
والشجاع: ضرب من الحيات، الشجعم: الطويل، والأفعوان: الذكر من الحيات ويريد بذات قرنين: حية لها قرنان من جلدها، والضموز: الساكتة المطرقة التي لا تصفر لخبثها، فإذا عرض لها إنسان ساورته وثبا، والضرزم: المسنة وذلك أخبث لها.
وصف الشاعر راعيا للإبل بخشونة القدمين وغلظ جلد هما حتى لا تستطيع الحيات أن تؤثر فيهما. وقد نسب سيبويه هذا الرجز إلى عبد بين عبس، ونسبه الأعلم للعجاج وهو في ديوانه مما نسب إليه. ونسبة صاحب اللسان إلى مساور بن هند العبسي.
وانظر: الخصائص 2/ 430 والحجة لأبي على 1/ 91. والجمهرة لابن د ريد 3/ 375. والمنصف 3/ 96. والجمل الزجاجي/ 214. وتوجيه إعراب أبيات ملغزة الإعراب للفارقي/ 244. والحماسة 2/ 329 وشرح السيرافي 1/ 253. والمقتضب 3/ 283. واللسان "شجع" والروض الآنف 2/ 183. والخزانة 4/ 596. وديوان العجاج/ 89. مما نسب إليه.