كتاب الأصول في النحو (اسم الجزء: 3)

قَد سَالمَ الحياتِ منهُ القَدَمَا ... الأُفعُوانَ والشُّجاعَ الشَّجْعَمَا
وذاتَ قَرنينِ ضَمُوزًا ضِرْزَمَا
لأَنهُ حينَ قالَ: ساَلمَ الحياتِ منهُ القَدَما عُلِمَ أَنَّ القدمَ مُسَالِمةٌ كَما أَنَّها مُسَالَمَةٌ فنصبَ الأُفعوانَ بأَنَّ القدمَ سَالمتْها لأَنكَ إذا قُلتَ: سَالمتُ زيدًا وضَاربتُ عمرًا فَقَدْ كانَ مِنكَ مِثلُ ما كانَ إليكَ فإنَّما صَلُحَ هَذَا لإستغناءِ الكلامِ الأولِ فحملت ما بعدَهُ بعدَ اكتفاءِ الكلامِ علَى ما لا ينقضُ معناهُ وقَدْ قرأَ بعُضُ القراءِ: {وَكَذلِكَ زُيِّنَ لكَثِيرٍ مِنَ المُشْرِكِينَ قَتْلُ أوْلادِهِمْ شُرَكَاؤُهم} 1 لمّا استغنى الكلامُ بقولِه: قَتْلُ أولادِهم حملَ الثاني على المعنى أَي: "زَينهُ شركاؤُهم" فَعَلى هذا تقولُ: ضُرِبَ زيدٌ عبدُ الله لأَنكَ لمّا قلتَ: ضُرِبَ زيدٌ عُلِمَ أَنَّ لَهُ ضاربًا فكأَنكَ قلتَ: ضَربهُ عبدُ الله. وعلَى هذَا ينشد2:
__________
1 الأنعام: 137 وقراءة "زين" بالبناء للمفعول ورفع "قتل" ورفع شركاؤهم" من الشواذ، نظر: ابن خالوية/ 40-41 والبحر المحيط 4/ 229.
قال ابو حيان: وقراءت فرقة منهم السلمي والحسن وأبو عبد الملك قاضي الجند صاحب ابن عامر "زين" مبنيا للمفعول، "قتل" مرفوعات مضافا إلى أولادهم "شركاؤهم مرفوعا على إضمار فعل، أي: زينة شركاؤهم، هكذا خرجه سيبويه. وفاعلا بالمصدر أي قتل أولادهم. وانظر: الكتاب 1/ 146 والمقتضب 2/ 281.
2 من شواهد سيبويه 1/ 145، 83، 199، على رفع "ضارع"بفعل محذوف، وهذا على رواية "ليبك" بالبناء للمفعول، وقد روي بالنباء للفاعل، فيكون "يزيد"، مفعولا به، وضارع الفاعل، ولا حذف في الكلام. وعجزه: ومختبط مما تطيح الطوائح.
وبكته: أي: بكيت عليه، بخلاف حرف الجر لكثرة الس اتعمال، والضارع: الذليل ولامختبط: الذي يأتيك للمعروف من غير وسيلة، وأصله من خبطت الشجرة إذا ضربتها بالعصا ليسقط ورقها.
تطيح: تذهب وعقلك، والطوائح: بمعنى: المطيحات، يقال: طوحته الطوائح، أطاحته أي: ذهبت به، ولا يقال: المطوحات.
لخصومة: متعلق بضارع وا للام للتعليل أو بمعنى عند.
ونسبت البيت للبيد بن ربيعة العامري ويوجد في ديوانه/ 50 طبعة ليدن أبيات منها الشاهد:
لعمي لئن أمضى يزيد بن نش هل ... حشا جدت تسف عليه الروائح
وينسب أيضا لنشهل بن حري في رثاء أخيه يزيد بن نهشل، ونسب لمزرد بن ضرار وليس في يوانه، وينسب للح ارث بن نهيك.
وانظر: المقتضب 3/ 271. وشرح السيرافي 1/ 254. والخصا ئص 2/ 353، 376 والمحتسب 1/ 230 وابن يعيش 1/ 80 والشعر والشعراء/ 99. والمفصل للمزمخشري/ 22 والتصحيف للعسكري 208 والكافية للرضي 1/ 67. وشواهد الكشاف/ 65.

الصفحة 473