أَي: وجدنا لَهم عينًا فلهذَا بابٌ في الضروراتِ غيرِ ضَيقٍ ومِمّا يَقْربُ مِنْ هذا الباب قوله1:
أَقامتْ علَى رَبْعَيهما جَارَتا صَفاً ... كُميتَا الأَعالِي جَوْنَتا مُصطَلاهُما
وإنَّما الكلامُ: "جُوْنَا المُصطَليَينِ" فردهُ إلى الأَصلِ في المعنى لأَنَّكَ إذَا قلتَ مررتُ برجلٍ حَسنِ الوجهِ فمعناهُ2: حَسُنَ وجهُهُ فإذَا ثنيتَ قلتَ: برجلينِ حَسَن الوجوهِ فإنْ رددتهُ إلى أصلِه قلتَ: برجلينِ حَسَن وجوههُما فإذا قلتَ: وجوُههُما لم يكن في "حَسَنٍ" ذكرُ ما قبلَهُ وإذا أَتيتَ بالألفِ واللامِ وأضفتَ الصفةَ إليها كانَ في الصفةِ ذكر الموصوفِ فكانَ حَقٌّ هذا الشاعر لما قالَ: مُصْطَلاهُما أَنْ يُوَحدَ الصفةَ فيقولُ: جَونٌ مُصْطَلاهُما.
__________
1 من شواهد الكتاب 1/ 102 على قبح إضافة الصفة مجردة من الألف واللام إلى مضاف لضمير، وإن جواز ذلك خاص بالضرورة، شبهوه بحسنه الوجه، وذلك ر دئ، لأنه بالهاء معرفة، كما كان بالألف واللام، وهو من سبب الأول كما أنه من سببه الألف واللام.
وجارتا صفا: الأفيتان: والصفا: الجبل وهو الثالث إليهما، وهو قوله: كمتا الأعالي يعني، أن الأعالي من الافثفتين لم تسود لبعدها عن مباشرة النار فهي على لون الجبل، وجونتا مصطلاهما: يعني: مسودتي المصطلي وهو موضع الوقود منهما وصف دفتي دارين خلتا من أهلهما- والربع- موضع النزول.
والبيت للشماخ.
وانظر: الخصائص 2/ 420 وشرح السيرافي 1/ 255 ومعجم المقاييس 1/ 385. وشواهد الإيضاح لابن بري/ 117 والتذييل والت كميل 1/ 207 وابن يعيش 6/ 83 والعيني 3/ 587 والصاحبي لابن فارس/ 179. والديوان/ 86.
2 في "ب" فمعنى.