كتاب آثار ابن باديس (اسم الجزء: 3)

فقهناها من القرآن ونعمة ربانية تلقيناها من الملك الديان {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا - إلى - يَشْكُرُونَ}، {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ - إلى - قَدِيرٌ}، {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ- إلى-الْحَكِيمُ}.
نعم نهضنا نهضة (بنينا على الدين أركانها فكانت سلاماً على البشرية) لا يخشاها- والله- النصراني لنصرانيته ولا اليهودي ليهوديته بل ولا المجوسي لمجوسيته ولكن يجب- والله- أن يخشاها الظالم لظلمه والدجال لدجله والخائن لخيانته.
العروبة والإسلام، والعلم والفضيلة، هذه أركان نهضتنا وأركان جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، التي هي مببعث حياتنا ورمز نهضتنا، فما زالت هذه الجمعية منذ كانت تفقهنا في الدين وتعلمنا اللغة وتنيرنا بالعلم وتحلينا بالأخلاق الإسلامية العالية وتحفط علينا جنسيتنا وقوميتنا وتربطنا بوطنيتنا الإسلامية الصادقة، ولن تزل كذلك بإذن الله ثم بإخلاص العاملين.
كانت جمعية العلماء فكانت نهضة الأمة دوى صوت العلم فأيقظها من رقدتها، وكذلك عرفت الأمم من تاريخها لا تنهض إلا على صوت علمائها، فهو الذي يحل الأفكار من عقلها، ويزيل عن الأبصار غشاواتها ويبعث الهمم من مراقدها ويرفع بالأمم إلى التقدم في جميع نواحي الحياة ولهذا ترى أعداء النهوض من كل عصر ومصر يبذلون لإخفات هذا الصوت كل جهودهم ويكيدون له كل كيد {يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ}.
وما كانت جمعية العلماء حتى كان العلماء القرآنيون الذين فقهوا

الصفحة 557