كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع (اسم الجزء: 3)

ذلك، والله تعالى محمود على صفات الكمال اللازمة، وصفات الكمال المتعدية، فهو محمودٌ على كمالِهِ ومحمودٌ على إحسانِهِ سبحانه وتعالى.

وقوله: «ملءَ السماء، وملءَ الأرض، وملءَ ما شئت من شيء بعد». ملءَ: صفة لموصوف محذوف؛ والتقدير: حمداً ملء، وحمداً المحذوفة منصوبة على المصدر، والعامل فيها المصدر في قوله: «رَبَّنَا ولك الحمدُ».
وقوله: «ملءَ السماء» هكذا قال المؤلِّف بلفظ الإِفراد، وأكثرُ الرِّوايات الواردة في هذا عن النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم بلفظ الجمع «مِلءَ السماواتِ ومِلءَ الأرضِ» (¬1) وفي روايةٍ لمسلم: «مِلءَ السماء» (¬2) وقوله: «مِلءَ الأرض»، جاء بها مفردة؛ لأن هذا هو التعبير القرآني، فالله سبحانه وتعالى في القرآن يعبِّر عن الأرض بالإِفراد، وعن السماوات بالجمع غالباً.

وقوله: «ملءَ السماء والأرض». قال بعضُ أهل العِلم (¬3): معناه أنه لو كان الحَمْدُ أجساماً لملأ السَّماءَ والأرضَ، فيكون ملأهما بالحجم.

ولكن؛ الصحيحُ خِلافُ ذلك، وأن معنى قوله: مِلءَ
¬__________
(¬1) أخرجه مسلم، كتاب الصلاة، باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع (476) (202).
(¬2) أخرجه مسلم، كتاب الصلاة، باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع (476) (204).
(¬3) انظر: «الروض المربع مع حاشية ابن قاسم» (2/ 47).

الصفحة 100