كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع (اسم الجزء: 3)

فإذا قال قائل: إذا كان الأمر كذلك؛ فلماذا لا تمنعونه في صلاة الفرض كما مَنَعَهُ بعضُ أهل العلم؛ لأن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «صَلُّوا كما رأيتموني أصلِّي» (¬1)؟
فالجواب على هذه أن نقول: تَرْكُ النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم له لا يدلُّ على تحريمه؛ لأنه أعطانا عليه الصَّلاة والسَّلام قاعدة: «إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء مِن كلام الناس، إنَّما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن» (¬2). والدعاء ليس من كلام الناس، فلا يبطل الصَّلاة، فيكون الأصل فيه الجواز، لكننا لا نندب الإِنسان أن يفعل ذلك في صلاة الفريضة لما تقدم تقريره.

مسألة: لو قرأ القارئ: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى *} [القيامة]؟ فهذه ليست آية وعيد ولا آية رحمة فله أن يقول: بلى، أو «سبحانك فبلى»، لأنه وَرَدَ في حديث عن النبيِّ عليه الصلاة والسلام (¬3)، ونصَّ الإِمام أحمد عليه، قال الإِمام أحمد: إذا قرأ: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى *} [القيامة] في الصلاة وغير الصلاة، قال: سبحانك فبلى، في فَرْضٍ ونَفْلٍ.

وإذا قرأ: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ *} [التين] فيقول: «سبحانك فبلى» (¬4).
¬__________
(¬1) تقدم تخريجه ص (27).
(¬2) تقدم تخريجه ص (85).
(¬3) أخرجه أبو داود، كتاب الصلاة، باب الدعاء في الصلاة (884)؛ والبيهقي (2/ 310).
(¬4) أخرجه الإمام أحمد (2/ 249)؛ وأبو داود، كتاب الصلاة، باب مقدار الركوع والسجود (887)؛ والترمذي، أبواب تفسير القرآن، باب «ومن سورة التين» (3347) وأعله بأن فيه مجهولاً.

الصفحة 290