مع الإِمام قال: فانتهى الناس عن القراءة فيما يجهرُ فيه النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم» (¬1)، فهذا دليل على أن الأمر بقراءة الفاتحة منسوخٌ، فعلى هذا؛ تكون قراءة الفاتحة ليست واجبة على المأموم إذا كان الإِمامُ يَجهر في صلاتِه.
2 ـ أن القراءة إذا كان الإِنسان يستمع لها قراءة له حُكماً، بدليل: أنه يُسَنُّ للمستمع المنصت إذا سَجَدَ القارئ أن يسجدَ معه، وهذا دليل على أنه كالتالي حكماً.
فالمنصت المتابع للقارئ له حُكمه؛ لقوله تعالى لموسى عليه الصلاة والسلام: {قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا} [يونس: 89] والدَّاعي موسى وحده لقوله: {وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأََهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ *} [يونس]. فالدَّاعي موسى، وهارون كان يؤمِّنُ، وجعلهما الله عزّ وجل داعيين. إذاً؛ فالمنصت للقراءة قارئ حكماً.
3 ـ أنَّه لا فائدة مِن جهر الإمام بالقراءة إذا لم تَسقطْ عن المأموم، وكيف يقرأ وإمامُه قد قرأ؟ ثم كيف يقرأ وإمامُه يَجهرُ بالقراءة؟ فهذا عَبَثٌ من الحكم؛ لأنه إذا قلنا لإِمام: اقرأ بعد
¬__________
(¬1) أخرجه الإمام أحمد (2/ 284)؛ وأبو داود، كتاب الصلاة، باب من كره القراءة بفاتحة الكتاب إذا جهر الإمام (826)؛ والترمذي، أبواب الصلاة، باب ما جاء في ترك القراءة خلف الإمام بالقراءة (312) وقال: «حديث حسن»؛ وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة، باب إذا قرأ الإمام فأنصتوا (848).