ومنها: الرَّجُل الذي أمَّرَهُ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على سريَّة بعثها؛ فكان يقرأ ويختم لهم بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ *} فأقره النبي صلّى الله عليه وسلّم على ذلك (¬1) ولكنه لم يقل للأمة: إذا قرأتم في صلاتكم فاختموا بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ *} ولم يكن هو أيضاً يفعله عليه الصلاة والسلام، فدلَّ هذا على أنه ليس بمشروع، لكنه جائز لا بأس به.
ومنها أيضاً: الوِصال إلى السَّحر للصائم، فإنه جائز، أي: يجوز ألا يفطر إلا في آخر الليل، أقرَّه النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: «فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السَّحر» (¬2) لكنه ليس بمشروع، أي: لا نقول للناس: الأفضل أن يمسكوا حتى يكون السَّحَر، بل نقول: الأفضل أن يبادروا بالفِطر.
وهذه المسألة التي ذكرها المؤلِّف رحمه الله أنه إذا تَرَكَ سُنَّة قولية أو فِعْلِيَّة في الصلاة؛ لم يُشرع له السُّجود، وإن سجد فلا بأس.
وعندي في ذلك تفصيل، وهو: أن الإِنسان إذا تَرَكَ شيئاً من الأقوال أو الأفعال المستحبَّة نسياناً، وكان من عادته أن يفعله فإنه يُشرع أن يسجد جَبْراً لهذا النقص الذي هو نَقْصُ كمال، لا نقص واجب؛ لعموم قوله في الحديث: «لكلِّ سهو سجدتان» (¬3)، وفي
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري، كتاب التوحيد، باب ما جاء في دعاء النبي صلّى الله عليه وسلّم أمته إلى توحيد الله (7375)؛ ومسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب قراءة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ *} (813) (263).
(¬2) أخرجه البخاري، كتاب الصوم، باب الوصال إلى السَّحَر (1967).
(¬3) أخرجه الإمام أحمد (5/ 280)؛ وأبو داود، كتاب الصلاة، باب من نسي أن يتشهد (1038)؛ وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء فيمن سجدهما بعد السلام (1219). قال ابن حجر رحمه الله: «بسند ضعيف». «بلوغ المرام» (361).