كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع (اسم الجزء: 3)

لهذا؛ إذا رأيتَ أحداً يفعل هكذا فانصحه، ثم إنَّ فيه شيئاً آخر، وهو أنَّ فيه إجحافاً؛ لعدم التوسُّط في البدن؛ لأنه فَضَّلَ جانب اليسار على جانب اليمين، فنقول: خيرُ الأمورِ الوسط، فَكُنْ بين اليمين وبين اليسار، وضَعْ اليدين على الصَّدرِ.

وَيَنْظُرُ مَسْجِدَهُ، ..........

قوله: «وينظر مسجده» أي: موضع سجوده، والضَّميرُ يعودُ على المُصلِّي، وهو شاملٌ للإِمام والمأموم والمنفرد؛ أنه ينظر موضعَ سجودِه، وعلى هذا كثير مِن أهلِ العلمِ (¬1)، واستدلُّوا بحديث رُويَ عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في هذا: «أنه كان ينظر إلى موضع سجودِه في حال صلاتهِ» (¬2)، وكذلك قالوا في تفسير قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ *الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ *} [المؤمنون] الخشوع: أن ينظر إلى موضع سجوده.
وقال بعضُ العلماءِ: ينظرُ تلقاء وجهِهِ، إلا إذا كان جالساً، فإنَّه ينظر إلى يدِه حيث يُشير عند الدُّعاء (¬3).

وفصل بعض العلماء بين الإِمام والمنفرد وبين المأموم فقال: إن المأموم ينظر إلى إمامه ليتحقق من متابعته (¬4)؛ ولهذا قال البراء بن عازب: «كان رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّم إذا قال: سَمِعَ اللَّهُ لمن حَمِده، لم يَحْنِ أحدٌ منَّا ظهرَه؛ حتى يقعَ النبي صلّى الله عليه وسلّم ساجداً، ثم
¬__________
(¬1) انظر: «المجموع» (3/ 270).
(¬2) أخرجه الحاكم (1/ 479)؛ والبيهقي (5/ 158) عن عائشة أنه لما دخل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الكعبة لم يخلف بصره موضع سجوده حتى خرج منها.
قال الحاكم: «صحيح على شرط الشيخين» ووافقه الذهبي.
(¬3) انظر: «الإنصاف» (3/ 424).
(¬4) انظر: «نيل الأوطار» (1/ 749).

الصفحة 38