كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع (اسم الجزء: 3)

محسوبة لك، وهل يسجد أو لا يسجد؟ سيأتينا (¬1) إن شاء الله أن المأموم لا يجب عليه السُّجود، إذا كان لم يفته شيء من الصَّلاة، وإنْ فاته شيء من الصَّلاة وَجَبَ عليه أن يسجد.
وإن قال: يغلب على ظَنِّي أني لم أدركها قلنا: لا تحتسب بهذه الرَّكعة وأتمَّ صلاتك ثم اسجد للسَّهو بعد السَّلام وإن قال: إني متردِّدٌ ولم يغلب على ظنِّي أني أدركتها قلنا: ابْنِ على اليقين، ولا تحتسبها، وأتمَّ صلاتك، واسجد للسَّهو قبل السَّلام.
مسألة: لو بَنَى على اليقين، أو على غالب ظَنِّه، ثم تبيَّنَ أنه مصيب فيما فَعَلَ، فهل يلزمه السُّجود؟
مثاله: رجل شَكَّ هل صَلَّى ثلاثاً أم أربعاً بدون ترجيح؟ فجعلها ثلاثاً، وأتى بركعة رابعة، لكنَّه في أثناء هذه الرَّكعة تيقَّن أنها الرابعة.
فللعلماء في هذا قولان:
القول الأول: (¬2) أنه لا يلزمه أن يسجد؛ لأنه تبيَّنَ عدم الزيادة والنقص، والسُّجود إنما يجب جَبْراً لما نَقَصَ، وهنا لم ينقص شيئاً ولم يزد شيئاً، والنبيُّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «فلم يَدْرِ كم صَلَّى ثلاثاً أم أربعاً» (¬3) وهذا الرَّجُل يدري كم صَلَّى فلا سُجود عليه.
القول الثاني: أن عليه السُّجود؛ لأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم قال: «فلم يدرِ كم صَلَّى» وهذا لأجل أن يبني على ما عنده، وظاهره أنه لو درى فيما بعد فإنه يسجد لقوله: «فإنْ كان صَلَّى خمساً شفعن له
¬__________
(¬1) انظر: ص (389).
(¬2) «الإنصاف» (4/ 69).
(¬3) تقدم تخريجه ص (380).

الصفحة 383