كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع (اسم الجزء: 3)
نقعُ سجوداً بعده» (¬1) قالوا: فهذا دليل على أنهم ينظرون إليه.
واستدلُّوا أيضاً: بما جرى في صلاةِ الكسوفِ، حيث أخبرَ النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم الصحابةَ أنه عُرضت عليه الجنَّةُ، وعُرضت عليه النَّارُ (¬2)، وقال فيما عُرضت عليه الجنَّةُ: «حيث رأيتموني تقدَّمت»، وفيما عُرضت عليه النَّارُ قال: «فيما تأخَّرت» وهذا يدلُّ على أنَّ المأمومَ ينظر إلى إمامه.
والأمر في هذا واسع، ينظر الإِنسان إلى ما هو أخشع له؛ إلا في الجلوس، فإنه يرمي ببصره إلى أصبعه حيث تكون الإِشارة كما وَرَدَ ذلك (¬3).
واستثنى بعضُ أهلِ العِلمِ: فيما إذا كان في صلاة الخوف (¬4)، لقوله تعالى: {وَخُذُوا حِذْرَكُمْ} [النساء: 102] وبأن النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم بعثَ عيناً يوم حُنين، فجعل رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّم ينظر إلى ناحية الشِّعْبِ وهو يُصلِّي (¬5)؛ لينظر إلى هذا العين، والعين هو
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري، كتاب الأذان، باب متى يسجد من خلف الإمام (690)؛ ومسلم، كتاب الصلاة، باب متابعة الإمام والعمل بعده (474) (198).
(¬2) أخرجه البخاري، كتاب الكسوف، باب صلاة الكسوف جماعة (1052)؛ ومسلم، كتاب الكسوف، باب ما عرض على النبي صلّى الله عليه وسلّم في صلاة الكسوف من أمر الجنة والنار (904) (10).
(¬3) أخرجه أبو داود، كتاب الصلاة، باب الإشارة في التشهد (990)؛ والنسائي، كتاب السهو، باب موضع البصر عند الإشارة وتحريك السبابة (3/ 39) (1274).
وقال النَّووي: «فيه حديث صحيح في سنن أبي داود». «شرح مسلم» (5/ 81).
(¬4) «الإنصاف» (3/ 424).
(¬5) أخرجه أبو داود، كتاب الصلاة، باب الرخصة في ذلك، النظر في الصلاة (916)؛ والحاكم (2/ 83)، والبيهقي (2/ 9، 348).
قال الحاكم: «صحيح على شرط الشيخين» ووافقه الذهبي.
الصفحة 39
414