كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع (اسم الجزء: 3)
مُسهَّل. فمقتضى هذه الكلمةِ العظيمةِ الاستسلامُ لله تعالى ظاهراً وباطناً، فأنت إذا قلتها تخبر خبراً تنطِقُه بلسانك، وتعتقدُه بجَنَانك بأنَّ اللَّهَ هو المعبودُ حقًّا، وما سواه فهو باطل، ثم تأمَّل كيف جاءت هذه الكلمةُ التي فيها توحيد الله بألوهيَّته بعد الثناء عليه؛ ليكون توحيده بالألوهية مبنيًّا على كماله. «سبحانك اللَّهُمَّ وبحَمْدِكَ، وتباركَ اسمُكَ، وتعالى جَدُّكَ» كُلُّ هذا ثناءٌ على الله بالكمال، ثم قال: «ولا إله غيرُكَ» فيكون هذا السَّابق كالسبب المبني عليه اللاحق، يعني: أنه لكمال صفاتِك لا معبودَ حقٌّ إلا أنت، ولا إلهَ غيرُك.
هذا هو دعاء الاستفتاح، وكان عُمرُ بن الخطَّاب رضي الله عنه يستفتحُ به، رواه مسلم بسند فيه انقطاع (¬1)؛ لكن وصله البيهقيُّ (¬2). وعُمرُ أحدُ الخلفاء الراشدين الذين أُمرنا باتِّباعهم. وقد رُويَ عن النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم مرفوعاً (¬3).
هل هناك دعاءٌ آخر يُستفتح به؟
الجواب: نعم؛ فيه أنواع ـ ولشيخ الإِسلام ابن تيمية رسالة في أنواع الاستفتاحات (¬4) ـ منها ما ثَبَتَ في «الصَّحيحين» من
¬__________
(¬1) أخرجه مسلم، كتاب الصلاة، باب حجة من قال: لا يجهر بالبسملة (399) (52).
(¬2) البيهقي (2/ 34).
(¬3) أخرجه الإمام أحمد (3/ 50)؛ وأبو داود، كتاب الصلاة، باب من رأى الاستفتاح بسبحانك اللهم وبحمدك (775، 776)؛ والدارقطني (1/ 298)؛ والحاكم (1/ 235)؛ والبيهقي (2/ 34)؛ والترمذي، أبواب الصلاة، باب ما يقول عند افتتاح الصلاة (243).
(¬4) «مجموع فتاوى شيخ الإسلام» (22/ 376 ـ 403).
الصفحة 47
414