كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع (اسم الجزء: 3)
والمشهور من المذهب: (¬1) أنه لا يَستفتح؛ لأنها مبنيَّة على التَّخفيف، فلا ركوع فيها، ولا سجود، ولا تشهُّد؛ مما يدلُّ على أن الشارع لاحَظَ فيها التخفيفَ؛ وهذا أقربُ.
ثمَّ يَسْتَعِيذُ، ..........
قوله: «ثم يستعيذ»، أي: يقول: أعوذُ بالله مِن الشيطان الرجيم وإن شاء قال: «أعوذُ باللَّهِ السميعِ العليمِ من الشيطانِ الرَّجيمِ؛ من همزه ونفخِه ونفثِه» (¬2) وإن شاء قال: «أعوذُ بالسميعِ العليمِ مِن الشيطانِ الرجيمِ» (¬3) والاستعاذةُ للقراءة، وليست للصَّلاةِ، إذ لو كانت للصَّلاةِ لكانت تلي تكبيرةَ الإِحرامِ، أو قبل تكبيرة الإِحرامِ، وقد قال الله عزَّ وجلَّ: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ *} [النحل]. فأمر اللَّهُ بالاستعاذة مِن الشيطان الرجيم عند تلاوة القرآن.
وفائدةُ الاستعاذة: ليكون الشيطانُ بعيداً عن قلب المرءِ، وهو يتلو كتابَ الله حتى يحصُل له بذلك تدبّرُ القرآن وتفهّمُ معانيه، والانتفاعُ به؛ لأن هناك فَرْقاً بين أن تقرأ القرآنَ وقلبُك حاضرٌ وبين أن تقرأ وقلبُك لاهٍ.
إذا قرأته وقلبُك حاضرٌ حصل لك من معرفة المعاني والانتفاعِ بالقرآن ما لم يحصُلْ لك إذا قرأته وأنت غافل، وجرّبْ تجدْ.
¬__________
(¬1) «منتهى الإرادات» (1/ 409).
(¬2) أخرجه الإمام أحمد (3/ 50)؛ وأبو داود، كتاب الصلاة، باب من رأى الاستفتاح بسبحانك اللهم وبحمدك (775)؛ والترمذي، أبواب الصلاة، باب ما يقول عند افتتاح الصلاة (242) وقال: أشهر حديث في الباب.
(¬3) «المغني» لابن قدامة (2/ 145).
الصفحة 53
414