كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع (اسم الجزء: 3)

أما الإِمام فواضح أنه يجهر بآمين؛ لأن ذلك ثَبَتَ عن النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم في قوله: «إذا أمَّنَ الإِمامُ فأمِّنوا» (¬1) فعلَّق تأميننا بتأمين الإِمام، ولولا أننا نسمعُهُ لم يكن بتعْليقِهِ بتأمين الإِمامِ فائدة، بل لكان حَرَجاً على الأمة، ولأنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم كان يجهرُ بآمين حتى يَمُدَّ بها صوتَه (¬2). وكذلك المأمومون يجهرون بها، كما كان الصَّحابةُ رضي الله عنهم يجهرون بذلك خلفَ النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم؛ حتى يرتجَّ المسجدُ بهم (¬3) وهذه السُّنَّةُ صحيحةٌ ثابتة. لكن المنفرد إن جَهَرَ بقراءته؛ جَهَرَ بآمين، وإن أسرَّ؛ أسرَّ بآمين، ودليل ذلك: أن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم كان في صلاة السِرِّ كالظُّهر والعصر لا يجهر بآمين، وهذا يقتضي أنك إذا لم تجهر بالقراءة لم تجهر بآمين.

والمنفرد الذي يقوم الليل مثلاً، وأحياناً يرى أن حضورَ قلبِه وقوَّة يقظته وطرد النوم عنه بالجهر، فيجهر كما فَعَلَ النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم حين صَلَّى بحذيفة بن اليمان (¬4) رضي الله عنهما.

فإذا جَهَرَ بالقراءة جَهَرَ بالتأمين، وأحياناً يرى أن الإِسرار أفضل له وأخشع، وأبعد عن الرِّياء، أو أن هناك مانعاً يمنعه من
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري، كتاب الأذان، باب جهر الإمام بالتأمين (780)؛ ومسلم، كتاب الصلاة، باب التسميع والتحميد والتأمين (410) (72).
(¬2) أخرجه أبو داود، كتاب الصلاة، باب التأمين وراء الإمام (932)؛ والترمذي، أبواب الصلاة، باب ما جاء في التأمين (248) وقال: «حديث حسن»؛ والحاكم (1/ 223) وصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.
(¬3) أخرجه ابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة، باب الجهر بآمين (853).
(¬4) أخرجه مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب استحباب تطويل القراءة في صلاة الليل (772) (203).

الصفحة 67