وسُمِّيَ مُفصَّلاً لكثرة فواصله؛ لأن سُورَهُ قصيرةٌ.
فمن {ق} إلى {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ *} أربعة أجزاء وشيء، يساوي البقرة وآل عمران، ورُبعاً مِن النساء، ويزيد شيئاً قليلاً، وإنما شُرع أن تكون في الصُّبح مِن طِوال المُفصَّل؛ لأن الله عزَّ وجلَّ نصَّ على القرآن في صلاة الفجر فقال: {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا *} [الإسراء] فَعبَّرَ عن الصَّلاةِ بالقرآن إشارةً إلى أنَّه ينبغي أن يكون القرآن مستوعِباً لأكثرها، وهو كذلك (¬1)، ولهذا بقيت صلاةُ الصُّبح على ركعتين لم تُزَدْ، بينما الظُّهر والعصر والعشاء زِيدت.
وَفِي المَغْرِبِ مِنْ قِصَارِهِ، وَفِي الْبَاقِي مِنْ أَوْسَاطِهِ، ........
قوله: «وفي المغرب من قصاره»، أي: من قِصار المفصَّل، يعني: من الضُّحى إلى آخره (¬2).
قوله: «وفي الباقي من أوساطه» أي: من {عَمَّ} إلى {الضحى} ودليل ذلك السُّنَّة الواردة عن النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم؛ فإن الغالب
¬__________
(¬1) لما أخرجه البخاري في كتاب المواقيت، باب وقت الظهر عند الزوال (541)؛ ومسلم، كتاب المساجد، باب استحباب التبكير بالصبح في أول وقتها (647) عن أبي برزة قال: «كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يُصلِّي الصبح وأحدنا يعرف جليسه، ويقرأ فيها ما بين السِّتين إلى المِئَةِ».
(¬2) لما أخرجه الإمام أحمد (2/ 329)؛ والنسائي، كتاب الافتتاح، باب القراءة في المغرب بقصار المفصل (984). عن أبي هريرة قال: «ما صلَّيت وراء أحدٍ أشبه صلاة برسول الله من فلان. وكان يقرأ في المغرب بقصار المُفصَّل، وفي العشاء بِوَسَطِ المُفصَّل، ويقرأ في الصبح بطِوال المفصَّل».
قال ابن حَجَر: «إسناد صحيح». «البلوغ» (288).