كتاب تحفة المسؤول في شرح مختصر منتهى السول (اسم الجزء: 3)

واستدل أيضًا: بقضية إبراهيم عليه السلام, فإنه أُمر بذبح ولده إسماعيل ونسخ عنه قبل التمكن.
أما الأولى: فلقول إسماعيل: {افعل ما تؤمر} , وغير الذبح غير مذكور.
وفيه نظر؛ لأنه لم يقل: افعل ما أمرت, ولا ما رأيت, بل قال: {ما تؤمر} , فقد يريد: افعل ما يتحقق من الأمر في المستقبل.
وثانيًا: أنه أقدم على الذبح وترويع الولد, ولو لم يكن مأمورًا به لكان ممتنعًا شرعًا وعادة.
وأما الثانية: فلأنه لم يفعل, ولو كان بعد التمكن لكان عاصيًا.
واعترض: بأنا لا نسلم أنه لو لم يفعل بعد التمكن يكون عاصيًا, لم لا يجوز أن يكون موسعًا, فيحصل التمكن ويعصي بالتأخير, ثم ينسخ؟ .
وأجيب بجوابين:
الأول: لو كان موسعًا لكان الوجوب متعلقًا بالمستقبل؛ لأن الأمر باق عليه قطعًا, فإذا نسخ عنه فقد نسخ تعلق الوجوب بالمستقبل, وهو المانع عندهم من النسخ, فيتوارد النفي والإثبات ويلزم العبث.
أيضًا - وهذا بناء على شبههم لا على مذهبهم -: لأنهم يجوزون النسخ قبل الفعل وبعد التمكن.
وأيضًا: لو كان موسعًا لأخر الفعل ولم يقدم على الذبح وترويع الولد / عادة, إما رجاء أن ينسخ, وإما رجاء أن يموت أحدهما فيسقط عنه, لعظم

الصفحة 386