كتاب تحفة المسؤول في شرح مختصر منتهى السول (اسم الجزء: 3)

احتج المانعون: بأن نسخ مدلول الخبر يؤذن بكونه كذبًا, ولذلك لو قال: «أهلك الله زيدًا» ثم قال: «ما أهلك الله زيدًا» كان كذبًا بخلاف الأمر.
سلمنا إمكان نسخ مدلول الخبر, لكن إذا كان المدلول حكمًا شرعيًا تكليفيًا, حتى يكون الخبر في معنى الأمر, والأمر يجوز نسخه, وهذا كما لو قال: «أمرتكم, ونهيتكم, وأوجبت عليكم».
قال الآمدي: والجواب: أن ذلك إنما يفضي إلى الكذب أن لو لم يكن حَمْلُ الناسخ على غير ما أريد من الخبر, وأما إذا قال: «أهلك الله زيدًا» , فإهلاكه إنما لم يدخله النسخ, لأنه لم يتكرر حتى يمكن رفعه بعضه وتبقية بعضه, بل يقع دَفعة, فلو أخبر عن عدمه مع اتحاده كان كذبًا.
قال: وقولهم: الخبر بالحكم الشرعي في معنى الأمر, إن أرادوا أن صيغته كصيغته فخلاف الحسّ, وإن أرادوا أنه يفيد إيجاب الفعل كما في الأمر, فمسلّم, ولا يلزم أن يكون هو هو, إذ لا يلزم من اشتراك شيئين في لازمٍ اتحادهما, وغايته تسليم نسخ مدلول بعض الأخبار, وليس فيه ما يدل على امتناع نسخ غيرها.
قلت: وقد أشار المصنف في المنتهى إلى دفع ما ذكر, بأن المدلول المنسوخ إن ناقض مدلول الناسخ كان أحدهما كذبًا, وهو مستحيل على الله وإن لم يناقضه تعين أن يكون الثاني تخصيصًا, فعلى كل تقدير لا نسخ.
قوله: إن أرادوا أنه يفيد إيجاب الفعل ... إلى آخره, ترديد ضعيف, إذ

الصفحة 402