كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 3)

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْعَبَّاسِ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُنْذِرِ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: " §يُؤْتَى بِثَلَاثَةِ نَفَرٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: بِالْغَنِيِّ، وَبِالْمَرِيضِ، وَالْعَبْدِ، فَيَقُولُ لِلْغَنِيِّ: مَا مَنَعَكَ عَنْ عِبَادَتِي؟ فَيَقُولُ: أَكْثَرْتَ لِي مِنَ الْمَالِ فَطَغَيْتُ، فَيُؤْتَى بِسُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي مُلْكِهِ، فَيُقَالُ لَهُ: أَنْتَ كُنْتَ أَشَدَّ شُغْلًا أَمْ هَذَا؟ قَالَ: بَلْ هَذَا، قَالَ: فَإِنَّ هَذَا لَمْ يَمْنَعْهُ شُغْلَهُ عَنْ عِبَادَتِي، قَالَ: فَيُؤْتَى بِالْمَرِيضِ، فَيَقُولُ: مَا مَنَعَكَ عَنْ عِبَادَتِي؟ قَالَ: يَا رَبُّ أُشْغِلْتُ عَلَى جَسَدِي، قَالَ: فَيُؤْتَى بِأَيُّوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي ضُرِّهِ فَيَقُولُ لَهُ: أَنْتَ كُنْتَ أَشَدَّ ضُرًّا أَمْ هَذَا؟ قَالَ: فَيَقُولُ: لَا، بَلْ هَذَا، قَالَ: فَإِنَّ هَذَا لَمْ يَمْنَعْهُ ذَلِكَ أَنْ عَبْدنيَ، قَالَ: ثُمَّ يُؤْتَى بِالْمَمْلُوكِ، فَيُقَالُ لَهُ: مَا مَنَعَكَ مِنْ عِبَادَتِي؟ فَيَقُولُ: جَعَلْتَ عَلَيَّ أَرْبَابًا يَمْلِكُونِي، قَالَ: فَيُؤْتَى بِيُوسُفَ الصِّدِّيقِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي عُبُودِيَّتِهِ فَيُقَالُ: أَنْتَ أَشَدُّ عُبُودِيَّةً أَمْ هَذَا؟ قَالَ: لَا، بَلْ هَذَا، قَالَ: فَإِنَّ هَذَا لَمْ يَشْغَلْهُ شَيْءٌ عَنْ عِبَادَتِي "
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ مَنْدَهْ، قَالَ: ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، ثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الْقُدُّوسِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، قَالَ: كَانَ مُجَاهِدٌ لَا يَسْمَعُ بِأُعْجُوبَةٍ إِلَّا ذَهَبَ يَنْظُرُ إِلَيْهَا، قَالَ: " وَذَهَبَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ إِلَى بِئْرِ بَرَهُوتَ قَالَ: وَذَهَبَ إِلَى بَابِلَ قَالَ: وَعَلَيْهَا وَالٍ صَدِيقٌ لِمُجَاهِدٍ، قَالَ: فَقَالَ مُجَاهِدٌ: §تَعْرِضُ عَلَيَّ هَارُوتَ وَمَارُوتَ، قَالَ: فَدَعَا رَجُلًا مِنَ السَّحَرَةِ فَقَالَ: اذْهَبْ بِهَذَا وَاعْرِضْ عَلَيْهِ هَارُوتَ وَمَارُوتَ، فَقَالَ: الْيَهُودِيُّ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَدْعُوَ اللهَ عِنْدَهُمَا، قَالَ مُجَاهِدٌ: فَذَهَبَ بِي إِلَى قَلْعَةٍ فَقَلَعَ مِنْهَا حَجَرًا، قَالَ: ثُمَّ قَالَ: خُذْ بِرِجْلِي فَهَوَى بِي حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِمَا، فَإِذَا هُمَا مُتَعَلِّقَيْنِ مُنَكَّسَيْنِ كَالْجَبَلَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمَا، قُلْتُ: سُبْحَانَ اللهِ خَالِقكُمَا فَاضْطَرَبَا، قَالَ: فَكَأَنَّ جِبَالَ الدُّنْيَا قَدْ تَدَكْدَكَتْ، قَالَ: فَغُشِيَ عَلَيَّ وَعَلَى الْيَهُودِيِّ، قَالَ: ثُمَّ أَفَاقَ الْيَهُودِيُّ قَبْلِي، فَقَالَ: قُمْ قَدْ أَهْلَكْتَ نَفْسَكَ وَأَهْلَكْتَنِي "
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ يَزِيدَ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ، ثَنَا مُؤَمَّلُ -[289]- بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا أَبُو حَازِمٍ، ثَنَا كَثِيرٌ أَبُو الْفَضْلِ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {§أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} [النساء: 78] الْآيَةَ. قَالَ: كَانَ فِيمَنْ قَبْلَكُمُ امْرَأَةٌ، وَكَانَ لَهَا أَجِيرٌ فَوَلَدَتْ جَارِيَةً، وَقَالَتْ لِأَجِيرِهَا: اقْتَبِسْ لَنَا نَارًا، فَخَرَجَ فَوَجَدَ بِالْبَابِ رَجُلًا، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: مَا وَلَدَتْ هَذِهِ الْمَرْأَةُ؟ قَالَ: جَارِيَةً، فَقَالَ: أَمَا إِنَّ هَذِهِ الْجَارِيَةَ لَا تَمُوتُ حَتَّى تَبْغِي بِمِائَةٍ، وَيَتَزَوَّجُهَا أَجِيرُهَا، وَيَكُونُ مَوْتُهَا بِالْعَنْكَبُوتِ، قَالَ: فَقَالَ الْأَجِيرُ فِي نَفْسِهِ: فَأَنَا أُرِيدُ هَذِهِ بَعْدَ أَنْ تَفْجُرَ بِمِائَةٍ لَأَقْتُلَنَّهَا، فَأَخَذَ شَفْرَةً فَدَخَلَ فَشَقَّ بَطْنَ الصَّبِيَّةِ، وَخَرَجَ عَلَى وَجْهِهِ وَرَكِبَ الْبَحْرَ، وَخُيِّطَ بَطْنَ الصَّبِيَّةِ، فَعُولِجَتْ وَبَرِئَتْ وَشَبَّتْ، فَكَانَتْ تَبْغِي، فَأَتَتْ سَاحِلًا مِنْ سَوَاحِلِ الْبَحْرِ فَأَقَامَتْ عَلَيْهِ تَبْغِي، وَلَبِثَ الرَّجُلُ مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ قَدِمَ ذَلِكَ السَّاحِلَ وَمَعَهُ مَالٌ كَثِيرٌ، فَقَالَ لِامْرَأَةٍ مِنْ أَهْلِ سَاحِلِ الْبَحْرِ: ابْغِينِي امْرَأَةً مِنْ أَجْمَلِ النَّاسِ فِي الْقَرْيَةِ أَتَزَوَّجُهَا، فَقَالَتْ: هَاهُنَا امْرَأَةٌ مِنْ أَجْمَلِ النَّاسِ، وَإِنَّهَا تَبْغِي، قَالَ: ائْتِينِي بِهَا فَأَتَتْهَا، فَقَالَتْ: قَدْ قَدِمَ رَجُلٌ لَهُ مَالٌ كَثِيرٌ، وَقَالَ لِي كَذَا وَكَذَا، فَقُلْتُ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَتْ: إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ الْبِغَاءَ، وَلَكِنْ إِنْ أَرَادَ تَزَوَّجْتُهُ، قَالَ: فَتَزَوَّجَهَا، فَوَقَعَتْ مِنْهُ مَوْقِعًا، فَبَيْنَا هُوَ ذَاتَ يَوْمٌ عِنْدَهَا إِذْ أَخْبَرَهَا بِأَمْرِهِ، فَقَالَتْ: أَنَا تِلْكَ الْجَارِيَةَ، وَأَرَتْهُ الشَّقَّ فِي بَطْنِهَا، وَقَدْ كُنْتُ أَبْغِي فَمَا أَدْرِي بِمِائَةٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، قَالَ: فَإِنَّهُ قَالَ لِي يَكُونُ مَوْتُهَا بِالْعَنْكَبُوتِ، قَالَ: فَبَنَى لَهَا بُرْجًا فِي الصَّحْرَاءِ، وَشَيَّدَهُ فَبَيْنَمَا هُمَا يَوْمًا فِي ذَلِكَ الْبُرْجِ إِذَا عَنْكَبُوتٌ فِي السَّقْفِ، فَقَالَ: هَذَا عَنْكَبُوتٌ فَقَالَتْ: هَذَا يَقْتُلْنِي، لَا يَقْتُلُهُ أَحَدٌ غَيْرِي فَحَرَّكَتْهُ، فَسَقَطَ فَوَضَعَتْ إِبْهَامَ رِجْلِهَا عَلَيْهِ فَشَدَخَتْهُ وَسَاخَ سُمُّهُ بَيْنَ ظُفْرِهَا وَاللَّحْمِ، فَاسْوَدَّتْ رِجْلُهَا فَمَاتَتْ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} [النساء: 78] "

الصفحة 288