وتقول: أرخص ما يكون البرّ مدّان بدرهم، الرفع في هذا أجود، والنصب جائز، مدّان مبتدأ، وبدرهم خبره، والعائد محذوف، تقديره: منه، والجملة من المبتدأ والخبر فى موضع نصب على الحال، والنصب على تقدير: إذا كان، أى إذا وجد مسعّرا، مدّين بدرهم، حذفت الحال وبقى معمولها. وتقول: «سادوك كابرا عن كابر (¬1)» والمعنى كبيرا بعد كبير، فعن فى هذا الموضع بمعنى «بعد»، التى ظهرت فى. قول القائل:
بقيّة قدر من قدور توورثت … لآل الجلاح كابرا بعد كابر (¬2)
وتقول: بيّنت له حسابه بابا بابا، أى مفصّلا، لا بدّ من تكرير «بابا» لئلاّ يظنّ أن حسابه كلّه باب واحد، وتقول: بعته ناجزا بناجز، ويدا بيد، والمعنى:
بعته نقدا لا بنسيئة (¬3)، وكلّمته فاه إلى فىّ، أى جاعلا فاه إلى فىّ، فحذفوا الحال، وبقى معمولها، كما جاء فى التنزيل: {وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آياتٍ إِلى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ} (¬4) أى مرسلا إلى فرعون، والمعنى:
كلّمته مشافها، ويجوز: كلّمته فوه إلى فيّ، أى كلّمته وهذه حاله (¬5)، ولا يجوز على هذا: بعته يد بيد، لأنك لا تريد: بعته ويده بيدى، وإنما تريد: أعطيته وأخذت منه، وأنت تريد في المسألة الأولى المشافهة والقرب، فإذا قلت: وفوه إلى فيّ، فإنما تريد: كلّمته وأنا قريب منه.
وتقول: أخذته بدرهم فصاعدا، المعنى: فذهب الثّمن صاعدا إلى أثمان شتّى، فالعامل في هذه الحال هذا الفعل المقدّر، ومعنى هذا أنك ابتعته أوّلا بدرهم
¬_________
(¬1) تقدم فى المجلس السابق.
(¬2) فرغت منه فى المجلس السابق أيضا.
(¬3) النسيئة: هى البيع إلى أجل معلوم، من النّسء، وهو التأخير
(¬4) سورة النمل 12.
(¬5) راجع الكتاب 1/ 391، والمقتضب 3/ 236، وما تقدم فى المجلس الثالث والعشرين.