كتاب أمالي ابن الشجري (اسم الجزء: 3)

ومن الحال قولهم: هو زيد معروفا، وفى التنزيل: {وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً} (¬1) فهذه حال مؤكّدة (¬2)؛ لأن الحقّ لا يكون إلاّ مصدّقا، ومثله: {وَهذا صِراطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً} (¬3) لأنّ الاستقامة لزم (¬4) صراط الله؛ ولأنّ قولك: هو زيد، قد دلّ على أنه معروف عندك، فجئت بقولك «معروفا» مؤكّدا به، قال (¬5):
أنا ابن دارة معروفا بها (¬6) … نسبى
فهل بدارة يا للنّاس من عار
ولو قلت: هو زيد قائما، لم يجز؛ لأنه ليس فى «قائم» ما يدلّ على الأوّل. والعامل فى «معروفا ومصدّقا» وما أشبهه معنى الجملة، ولهذا لا يجيز النحويّون: معروفا هو زيد.
... ومن الحال-وقد تقدّم (¬7) هذا الضّرب-قولهم: هذا بسرا أطيب منه رطبا.
فإن قلت: هذا رطب أطيب منه بسر، فقولك: «أطيب منه بسر» جملة فى موضع الصفة لرطب، ولو قلت: هذا رطب أطيب منه عنب، لم يجز فيه إلاّ الرفع، لأنّ
¬_________
(¬1) سورة البقرة/91.
(¬2) بيانها فى المقتضب 4/ 310 وحواشيه.
(¬3) سورة الأنعام 126.
(¬4) هكذا ضبط فى ط، د، بفتح اللام والزاى. واللّزم: فصل الشىء، من قوله تعالى: لَكانَ لِزاماً أى فيصلا. وقيل: هو من اللّزوم. راجع اللّسان.
(¬5) هو سالم بن مسافع بن يربوع، من بنى عبد الله بن غطفان. وعرف بسالم بن دارة، فقيل: دارة أمّه، سمّيت بذلك لجمالها، تشبيها بدارة القمر، وقيل: دارة لقب غلب على جدّه. وابن دارة هذا ممن أدرك الجاهلية والإسلام، وقتل فى خلافة عثمان رضى الله عنه. من نسب إلى أمّه من الشعراء، وأسماء المغتالين (نوادر المخطوطات) 1/ 92،2/ 156، والشعر والشعراء ص 401، والإصابة 3/ 247. والبيت الشاهد فى الكتاب 2/ 79، والبغداديات ص 546، والبصريات ص 663،904، والخصائص 2/ 268،3/ 60، والبسيط ص 521. والخزانة 3/ 265، وانظر فهارسها، وحواشى البسيط.
(¬6) فى النّسخ الثلاث: «لها» باللام، وليس محفوظا.
(¬7) فى هذا المجلس.

الصفحة 22