كتاب أمالي ابن الشجري (اسم الجزء: 3)

قدّمته لم يجز فيه الرفع، لأن البدل تابع فلا يكون من قبل المتبوع.
وإنما جاز للحال أن تجيء غير مشتقّة؛ لأن الخبر نفسه قد جاء غير مشتقّ، فى نحو: زيد غلامنا، وبكر أخو جعفر، وإذا جاز ذلك فى الخبر جاز فى الفضلة على الخبر، فمن ذلك فى التنزيل: {هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً} (¬1) أى علامة لصدقي، وجاء فى الشعر لأبى الصّلت الثقفىّ:
اشرب هنيئا عليك التاج مرتفقا … فى رأس غمدان ذارا منك محلالا (¬2)
نصب «دارا» على الحال من رأس غمدان، قصر بصنعاء، وجاز ذلك لأن الدار منزل، ومن هذا قول المتنبّى (¬3).
بدت قمرا وماست خوط بان … وفاحت عنبرا وزنت غزالا
الميس والميسان: مشي فيه تبختر وتهاد.
والخوط: الغصن.
والرّنوّ: النّظر، يقال: رنا، إذا مدّ بصره.
ونصب «قمرا وخوط بان وعنبرا وغزالا» على الحال، ويتأوّل فيهنّ الاشتقاق، فيحملن على قولنا: بدت مشرقة، وماست متثنّية، وفاحت طيّبة، ورنت مليحة، ونظير هذا البيت قول آخر (¬4):
¬_________
(¬1) سورة الأعراف 73، وهود 64.
(¬2) فرغت منه فى المجلس السادس والعشرين، والكلام على موضع الشاهد منه فى المجلسين الثالث والعشرين، والخامس والعشرين.
(¬3) ديوانه 3/ 224، ودلائل الإعجاز ص 302،450، وأسرار البلاغة ص 178، والعمدة 1/ 293 (باب التشبيه)، ومعاهد التنصيص 2/ 83، ونهاية الأرب 7/ 43، والخزانة 3/ 222، والموضع الآتى من اليتيمة، والوفيات.
(¬4) هو أبو القاسم الزاهى، على بن إسحاق بن خلف البغدادى. توفّى-فيما قيل-سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة. وقيل: بعد سنة ستين وثلاثمائة. يتيمة الدهر 1/ 249، وتاريخ بغداد 11/ 350 ووفيات الأعيان 3/ 371،372، والموضع السابق من معاهد التنصيص، والخزانة.

الصفحة 6