المضاف، فإن قلت: صاحب من أكرمت أخاه؟ رفعته بالابتداء، وتقول: من ضرب أخاك إلاّ زيد؟ فمن هاهنا استفهام فى تأويل النّفى، كأنك قلت: ما ضرب أخاك إلاّ زيد، ومثله فى التنزيل: {وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللهُ} (¬1) كأنه قيل: ليس يغفر الذنوب إلاّ الله، وجاز هذا لما بين الاستفهام والنفى من المضارعة، بإخراجهما الكلام إلى غير الإيجاب، تقول: هل زيد إلاّ صاحبك؟ كما جاء فى التنزيل: {هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلاَّ الْإِحْسانُ} (¬2).
وتقول: أبا من تكنى؟ فتنصب الأب؛ لأنه مفعول مقدّم، ووجب تقديمه لإضافته إلى «من» لأن الاستفهام صدر أبدا، لا يجوز تقدّم الفعل العامل فيه عليه.
والثالث من أقسامها: أن تكون موصولة، فتؤدّى لإبهامها معنى الذى/والتى وتثنيتهما وجمعهما، ويفرق بين هذه المعانى الضّمير العائد إليها من صلتها، تقول:
جاءنى من أكرمته، ومن أكرمتها، ومن أكرمتهما، ومن أكرمتهم، ومن أكرمتهنّ، فمثال المفرد المذكّر فى التنزيل قوله: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ} (¬3)، ومثال المجموع قوله: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ} (¬4) ومثله: {وَمِنَ الشَّياطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ} (¬5) وجاء فى المثنّى قول الفرزدق، وقد ألقى إلى ذئب طرقه كتف شاة مشويّة:
تعشّ فإن عاهدتنى لا تخوننى … نكن مثل من يا ذئب يصطحبان (¬6)
وقد توقع «من» على جماعة فيعاد عليها ضمير مفرد على لفظها، وضمير
¬_________
(¬1) سورة آل عمران 135. وانظر الأزهية ص 107، والتبيان ص 293.
(¬2) سورة الرحمن 60.
(¬3) سورة الأنعام 25.
(¬4) سورة يونس 42.
(¬5) سورة الأنبياء 82.
(¬6) فرغت منه فى المجلس الثامن والثلاثين.