كتاب البيان والتبيين - ط الخانجي (اسم الجزء: 3)

الحلال
قال المأمون قد يسمى بعض الناس الشيء علما وليس بعلم فان كنت اردت هذا فوجهه الذي ذكرنا ولو قلت ان العلم لا يدرك غوره ولا يسبر قعره ولا تبلغ غايته ولا يستقصي أصنافه ولا يضبط آخره فالامر على ما قلت فاذا كان الامر كذلك فابدأوا بالأهم فالأهم وابدأوا بالفرض قبل النفل فاذا فعلتم ذلك كان عدلا وقولا صدقا وقد قال بعض العلماء اقتصد من أصناف العلم ما هو أشهى الى نفسك واخف على قلبك فان نفاذك فيه
على حسب شهوتك وسهولته عليك وقال ايضا بعض العلماء لست أطلب العلم طمعا في بلوغ غايته والوقوف على نهايته ولكن التماس ما لا يسع جهله ولا يحسن بالعاقل إغفاله وقال اخرون علم الملوك النسب والخبر وجمل الفقه وعلم التجار الحساب والكتاب وعلم اصحاب الحرب درس كتب المغازي وكتب السير فأما أن تسمي الشيء علما وتنهي عنه من غير ان يكون شيء يشغل عما هو انفع منه بل تنهى نهيا جزما وتأمر أمرا حتما والعلم بصر وخلافه عمى والاستبانة للشر ناهية عنه والاستبانة للخير آمره به
ولما قرأ المأمون كتبي في الإمامة فوجدها على ما أمر به وصرت اليه وقد كان أمر اليزيدي بالنظر فيها ليخبره عنها قال لي قد كان بعض من نرتضي عقله ونصدق خبره خبرنا عن هذه الكتب بإحكام الصنعة وكثرة الفائدة @

الصفحة 374