كتاب تفسير الثعلبي = الكشف والبيان عن تفسير القرآن (اسم الجزء: 3)
أوتى بها من هذه الأرض وليست مثل هذه. قال: هي من أرض أخرى، فاختلط على الملك فشدد عليه. قال: أنا أخبرك، عندي غلام لا يسأل الله شيئا إلا أعطاه إيّاه. وإنّه دعا الله تعالى [فجعل الماء خمرا] وكان للملك ابن يريد أن يستخلفه فمات قبل ذلك بأيّام. وكان أحبّ الخلق إليه. فقال: إنّ رجلا دعا الله حتى جعل الماء خمرا ليستجابنّ له حتى يحيي ابني، فدعا عيسى فكلّمه في ذلك. فقال عيسى: لا تفعل، فإنه إن عاش كان شرا، فقال الملك: لا أبالي، أليس أراه، فلا أبالي ما كان.
فقال عيسى: فإن أحييته تتركوني وأمّي نذهب حيث نشاء. قال: نعم. فدعا الله فعاش الغلام. فلمّا رآه أهل مملكته قد عاش بادروا بالسلاح وقالوا: أكلنا هذا حتى إذا دنا موته يريد أن يستخلف علينا ابنه. فيأكلنا كما أكلنا أبوه فاقتتلوا.
وذهب عيسى وأمّه فمرّا بالحواريين وهم يصطادون السمك. فقال عيسى: ما تصنعون؟
قالوا: نصطاد السمك. قال: أفلا [تمشون] حتى نصطاد النّاس؟ قالوا: كيف ذلك. قالَ: مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ؟ قالوا: ومن أنت؟ قال: أنا عيسى بن مريم عبد الله ورسوله. فآمنوا به وانطلقوا معه. فهم الحواريون وذلك قوله فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قالَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ «1» .
قال السدي وابن جريج والكسائي: مع الله، تقول العرب: الذّود إلى الذّود إبل.
وقال النابغة.
فلا تتركوني بالوعيد كأنني ... إلى النّاس مطليّ به القار أجرب «2»
أي مع الناس.
وقال آخر «3» :
ولوح ذراعين في بدن «4» ... إلى جؤجؤ رهل المنكب «5»
أي مع جؤجؤ.
نظيره قوله تعالى: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ «6» : أي مع أموالكم.
وقال الحسن وأبو عبيدة [من أنصاري في السبيل إلى الله] «7» ، تعني في: أي من أعواني في الله؟: أي في ذات الله وسبيله.
__________
(1) تفسير الطبري: 3/ 388 وما بين معقودين منه، والحديث طويل.
(2) لسان العرب: 15/ 435 وفيه تتركني بدل تتركوني.
(3) في المصدر: البيت للجعدي.
(4) في المصدر: بركة.
(5) لسان العرب: 15/ 167. [.....]
(6) سورة النساء: 2.
(7) زيادة عن تفسير القرطبي: 4/ 97.