كتاب شرح مختصر الروضة (اسم الجزء: 3)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَكَرِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأُمِّ حَبِيبَةَ وَبُسْرَةَ فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ بِمَسِّ الذَّكَرِ عَلَى رِوَايَةِ طَلْقِ بْنِ عَلِيٍّ فِيهِ، لِأَنَّهَا مُتَقَدِّمَةٌ. وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُتَأَخِّرَةَ تَدُلُّ عَلَى نَسْخِ الْمُتَقَدِّمَةِ، كَقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: كُنَّا نَأْخُذُ بِالْأَحْدَثِ فَالْأَحْدَثِ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قَوْلُهُ: «وَرِوَايَةُ مُتَقَدِّمِ الْإِسْلَامِ وَمُتَأَخِّرِهِ سِيَّانِ» ، أَيْ: لَا تَرْجِيحَ بَيْنَهُمَا، لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا مِنَ الصَّحَابَةِ، وَتَفَاوُتِهِمَا بِتَقَدُّمِ الْإِسْلَامِ وَتَأَخُّرِهِ إِنَّمَا يُوجِبُ رُجْحَانًا فِي الْفَضِيلَةِ، لَا فِي قَبُولِ الرِّوَايَةِ وَقُوَّتِهَا وَضَعْفِهَا، وَذَكَرَ الْآمِدِيُّ التَّرْجِيحَ بِذَلِكَ.
قُلْتُ: نَظَرَ إِلَى مُطْلَقِ الرُّجْحَانِ فِي الْفَضِيلَةِ، وَلِأَنَّهَا جِهَةٌ يُقَدَّمُ بِهَا فِي إِمَامَةِ الصَّلَاةِ، فَقَدَّمَ بِهَا فِي قَبُولِ الرِّوَايَةِ، كَالْعِلْمِ، وَالتَّقْوَى، وَالْعَدَالَةِ.
قُلْتُ: وَالتَّوْجِيهُ الْمُؤَثِّرُ الْمُنَاسِبُ لِذَلِكَ أَنَّ مُتَقَدِّمَ الْإِسْلَامِ أَثْبَتُ إِيمَانًا وَأَرْجَحُ فِي التَّقْوَى وَالْوَرَعِ لِزِيَادَةِ تَفَكُّرِهِ فِي قَوَارِعِ الْقُرْآنِ وَزَوَاجِرِهِ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي تَوَفُّرَ الدَّوَاعِي عَلَى الْعِنَايَةِ بِضَبْطِ الرِّوَايَةِ، وَالتَّحَرِّي فِي تَحَمُّلِهَا وَأَدَائِهَا، وَذَلِكَ مِنْ مَثَارَاتِ زِيَادَةِ الظَّنِّ.
قَوْلُهُ: «وَفِي تَقْدِيمِ رِوَايَةِ الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ» يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - «عَلَى غَيْرِهَا رِوَايَتَانِ» :
إِحْدَاهُمَا: لَا تُقَدَّمُ، لِأَنَّهُمْ وَسَائِرَ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فِي مَنَاطِ الرِّوَايَةِ - وَهُوَ الصُّحْبَةُ - سَوَاءٌ.

الصفحة 696