كتاب شرح مختصر الروضة (اسم الجزء: 3)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أَنْ يُخَصَّ أَحَدُهُمَا بِصُورَةٍ، وَالْآخَرُ بِصُورَتَيْنِ، فَالْأَوَّلُ أَرْجَحُ، لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى الْأَصْلِ، وَهُوَ الْبَقَاءُ عَلَى الْعُمُومِ وَمُخَالَفَةُ الْأَصْلِ فِيهِ أَقَلُّ.
قَوْلُهُ: «وَالْمُتَلَقَّى» . أَيْ: وَيُرَجَّحُ الْمُتَلَقَّى «بِالْقَبُولِ عَلَى مَا دَخَلَهُ النَّكِيرُ» ، أَيْ: إِذَا كَانَ أَحَدُ النَّصَّيْنِ قَدْ تَلَقَّاهُ الْعُلَمَاءُ بِالْقَبُولِ، وَلَمْ يَلْحَقْهُ إِنْكَارٌ مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ فَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا لَحِقَهُ الْإِنْكَارُ مِنْ بَعْضِهِمْ، لِأَنَّ لُحُوقَ الْإِنْكَارِ شُبْهَةٌ، فَالْخَالِي مِنْهَا يَكُونُ رَاجِحًا، كَمَا فِي الْمُسْنَدِ مَعَ الْمُرْسَلِ «وَعَلَى قِيَاسِهِ» أَيْ: وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِنَا: يُقَدَّمُ الْمُتَلَقَّى بِالْقَبُولِ عَلَى مَا دَخَلَهُ النَّكِيرُ أَنْ يُقَدَّمَ «مَا قَلَّ نَكِيرُهُ عَلَى مَا كَثُرَ» نَكِيرُهُ، مِثْلَ أَنْ يَتَعَارَضَ النَّصَّانِ ; وَكِلَاهُمَا قَدْ أَنْكَرَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ، فَمَا قَلَّ مُنْكِرُهُ مِنْهُمَا مُقَدَّمٌ، مِثْلَ أَنْ يُنْكِرَ أَحَدَهُمَا اثْنَانِ وَالْآخَرَ ثَلَاثَةٌ، فَيُرَجَّحُ الْأَوَّلُ، كَالْأَقَلِّ تَخْصِيصًا مَعَ الْأَكْثَرِ.
قَوْلُهُ: «وَمَا عَضَدَهُ عُمُومُ كِتَابٍ، أَوْ سُنَّةٍ، أَوْ قِيَاسٍ شَرْعِيٍّ، أَوْ مَعْنًى عَقْلِيٍّ عَلَى غَيْرِهِ» .
وَحَاصِلُ هَذَا أَنَّ أَحَدَ الدَّلِيلَيْنِ يَتَرَجَّحُ بِاعْتِضَادِهِ بِدَلِيلٍ آخَرَ مِمَّا يُفِيدُهُ قُوَّةً لِاجْتِمَاعِ دَلِيلَيْنِ فِي مُقَابَلَةِ دَلِيلٍ وَاحِدٍ. فَإِذَا تَعَارَضَ نَصَّانِ ; وَمَعَ أَحَدِهِمَا عُمُومُ كِتَابٍ، أَوْ عُمُومُ سُنَّةٍ، أَوْ عَضَدَهُ قِيَاسٌ شَرْعِيٌّ أَوْ مَعْنًى عَقْلِيٌّ يَحْصُلُ مَصْلَحَةً مَا ; كَانَ مُقَدَّمًا عَلَى الْآخَرِ لِتَجَرُّدِهِ عَنْ مُرَجِّحٍ.
قَوْلُهُ: «فَإِنْ عَضَدَ أَحَدَهُمَا - أَيْ: أَحَدَ النَّصَّيْنِ - قُرْآنٌ وَالْآخَرَ سُنَّةٌ» ، أَيْ: تَعَارَضَ حَدِيثَانِ وَعَضَدَ أَحَدَهُمَا آيَةٌ، وَعَضَدَ الْآخَرَ حَدِيثٌ، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ:
إِحْدَاهُمَا: يُقَدَّمُ مَا عَضَدَهُ الْقُرْآنُ لِتَنَوُّعِ الدِّلَالَةِ، أَيْ: لِأَنَّ الدِّلَالَةَ صَارَتْ مِنْ نَوْعَيْنِ: الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، بِخِلَافِ مَا فِي الطَّرَفِ الْآخَرِ، فَإِنَّ دِلَالَتَهُ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الْحَدِيثُ.

الصفحة 707