كتاب شرح مختصر الروضة (اسم الجزء: 3)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مُرَجِّحًا لَهُ عَلَى النَّصِّ الْآخَرِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: نَعَمْ، «لِوُرُودِ الْأَمْرِ بِاتِّبَاعِهِمْ» حَيْثُ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مِنْ بَعْدِي عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُمْ لَمْ يَتْرُكُوا النَّصَّ الْآخَرَ إِلَّا لِحُجَّةٍ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا يَكُونُ مَا عَمِلُوا بِهِ رَاجِحًا عَلَى غَيْرِهِ، لِجَوَازِ أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُمْ. وَحِينَئِذٍ لَا يَدُلُّ تَرْكُهُمْ لَهُ عَلَى مَرْجُوحِيَّتِهِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ.
فَائِدَةٌ: إِذَا وَجَدْنَا فُتْيَا صَحَابِيٍّ مَشْهُورٍ بِالْعِلْمِ وَالْفِقْهِ عَلَى خِلَافِ نَصٍّ، لَا يَجُوزُ لَنَا أَنْ نَجْزِمَ بِخَطَئِهِ الْخَطَأَ الِاجْتِهَادِيَّ، لِاحْتِمَالِ ظُهُورِ الصَّحَابِيِّ عَلَى نَصٍّ أَوْ دَلِيلٍ رَاجِحٍ أَفْتَى بِهِ، فَإِنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَقْرَبُ إِلَى مَعْرِفَةِ النُّصُوصِ النَّبَوِيَّةِ مِنَّا لِمُعَاصَرَتِهِمُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَكَمْ مِنْ نَصٍّ نَبَوِيٍّ كَانَ عِنْدَ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، ثُمَّ دُثِرَ، فَلَمْ يَبْلُغْنَا، وَذَلِكَ كَفُتْيَا عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا تَعْتَدُّ بِأَطْوَلِ الْأَجَلَيْنِ، وَنَحْوَهَا مِنَ الْمَسَائِلِ الَّتِي نَقَمَ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى عَلِيٍّ فِيهَا لِمُخَالَفَتِهِ لِلنَّصِّ، وَخَطَئِهِ بِذَلِكَ.
الصفحة 709
832