كتاب شرح مختصر الروضة (اسم الجزء: 3)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ثَبَتَ بِهِ يَكُونُ مُقَدَّمًا عَلَى مَا ثَبَتَ بِالنَّصِّ، لِعِصْمَةِ الْإِجْمَاعِ مِنَ الْخَطَأِ وَالنَّسْخِ بِخِلَافِ النَّصِّ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: حُكْمُ الْأَصْلِ الثَّابِتِ بِالْقُرْآنِ الْكَرِيمِ أَوْ تَوَاتُرِ السُّنَّةِ، رَاجِحٌ عَلَى حُكْمِ الْأَصْلِ الثَّابِتِ بِآحَادِ السُّنَّةِ، أَيْ: بِالسُّنَّةِ الْمَرْوِيَّةِ بِطَرِيقِ الْآحَادِ، كَمَا يُقَدَّمُ الْقُرْآنُ، وَمُتَوَاتِرُ السُّنَّةِ عَلَى آحَادِهَا.
وَقَدِ اسْتُفِيدَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْحُكْمَ الثَّابِتَ بِالْقُرْآنِ لَا يُقَدَّمُ عَلَى الثَّابِتِ بِتَوَاتُرِ السُّنَّةِ، كَمَا لَا يُقَدَّمُ الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ عَلَى تَوَاتُرِ السُّنَّةِ، لِاسْتِوَائِهِمَا كَمَا سَبَقَ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: حُكْمُ الْأَصْلِ الثَّابِتِ «بِمُطْلَقِ النَّصِّ» رَاجِحٌ عَلَى حُكْمِ الْأَصْلِ «الثَّابِتِ بِالْقِيَاسِ» ، كَمَا يُقَدَّمُ مُطْلَقُ النَّصِّ عَلَى الْقِيَاسِ، وَالْمُرَادُ بِمُطْلَقِ النَّصِّ أَنَّهُ سَوَاءٌ كَانَ تَوَاتُرًا أَوْ آحَادًا، صَحِيحًا أَوْ حَسَنًا مِمَّا سَاغَ الْعَمَلَ بِهِ شَرْعًا.
الْوَجْهُ الرَّابِعُ: الْحُكْمُ «الْمَقِيسُ عَلَى أُصُولٍ أَكْثَرَ» رَاجِحٌ «عَلَى غَيْرِهِ» ، أَيْ: إِذَا تَعَدَّدَتِ الْأُصُولُ فِي أَحَدِ الْقِيَاسَيْنِ وَلَيْسَ فِي الْقِيَاسِ الْآخَرِ إِلَّا أَصْلٌ وَاحِدٌ، مِثْلُ: إِنْ أَمْكَنَ قِيَاسُ الْفَرْعِ بِجَامِعٍ عَلَى أُصُولٍ كَثِيرَةٍ ; وَأَمْكَنَ قِيَاسُهُ بِجَامِعٍ آخَرَ عَلَى أَصْلٍ وَاحِدٍ أَوْ أُصُولٍ أَقَلَّ مِنْ أُصُولِ الْقِيَاسِ الْأَوَّلِ ; قُدِّمَ الْقِيَاسُ عَلَى الْأُصُولِ الْكَثِيرَةِ لِأَنَّ كَثْرَتَهَا شَوَاهِدُ لِلْفَرْعِ بِالصِّحَّةِ، وَمَا كَثُرَتْ شَوَاهِدُهُ كَانَ الظَّنُّ بِصِحَّتِهِ أَغْلَبَ، كَمَا يُرَجَّحُ أَحَدُ الْخَبَرَيْنِ بِكَثْرَةِ الرُّوَاةِ. وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: «لِحُصُولِ غَلَبَةِ الظَّنِّ بِكَثْرَةِ الْأُصُولِ، كَالشَّهَادَةِ» . يَعْنِي عَلَى قَوْلِ مَنْ يُرَجِّحُ إِحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ بِكَثْرَةِ الْعَدَدِ، «خِلَافًا لِلْجُوَيْنِيِّ» حَيْثُ حُكِيَ عَنْهُ، أَنَّ أَحَدَ الْقِيَاسَيْنِ لَا يُرَجَّحُ بِكَثْرَةِ الْأُصُولِ.

الصفحة 714