كتاب شرح مختصر الروضة (اسم الجزء: 3)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قُلْتُ: وَحُجَّةُ رُجْحَانِ الْقَوْلِ عَلَى الْفِعْلِ أَنَّ لَهُ صِيغَةً دَالَّةً بِخِلَافِ الْفِعْلِ كَمَا سَبَقَ، وَلِلْقَوْلِ بِتَرْجِيحِ الْفِعْلِ وَجْهٌ أَيْضًا.
أَمَّا الْمِثَالُ الْمَذْكُورُ، فَإِنَّ مَا رَوَوْهُ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَقَادَ مُسْلِمًا بِذِمِّيٍّ، لَا يَثْبُتُ عِنْدَ أَئِمَّةِ النَّقْلِ، وَإِنَّمَا رَوَاهُ أَبُو حَنِيفَةَ فِي «مُسْنَدِهِ» وَمَنْ عَسَاهُ وَافَقَهُ، وَلَوْ صَحَّ، لَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمُسْلِمُ ضَمَّ إِلَى قَتْلِ الذِّمِّيِّ مَا يُوجِبُ الْقَتْلَ مِنْ قَتْلِ مُسْلِمٍ أَوْ رِدَّةٍ أَوْ حِرَابَةٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَوَقَعَ قَتَلَهُ بِذَلِكَ فِي سِيَاقِ قَتْلِ الذِّمِّيِّ اتِّفَاقًا، فَظَنَّ أَنَّهُ أَقَادَهُ بِهِ. وَإِذَا احْتَمَلَ مَا ذَكَرْنَاهُ، سَقَطَ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ، وَبَقِيَ حَدِيثُنَا نَصًّا لَا مَعَارِضَ لَهُ. وَمُنِعَ الْخِلَافُ فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّ قَتْلَ الذِّمِّيِّ وَقَعَ وَاسِطَةً بَيْنَ قَتْلِ الْمُسْلِمِ وَالْحَرْبِيِّ يَتَجَاذَبُهُ الطَّرَفَانِ بِالشَّبَهِ، فَخَرَجَ فِيهَا الْخِلَافُ، وَيَلْزَمُهُمْ قَتْلُ الْمُسْلِمِ بِالْحَرْبِيِّ الْمُسْتَأْمَنِ، لِأَنَّ عَهْدَ الْإِسْلَامِ وَذِمَّتَهُ وَاحِدٌ فِي الْعِصْمَةِ.
وَمِنْهَا: إِذَا تَعَارَضَ الْمُحَرِّمُ وَالْمُبِيحُ، رَجَحَ الْمُحَرِّمُ، كَمَا سَبَقَ حُكْمُهُ.
مِثَالُهُ: قَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} [النِّسَاءِ: 23] مَعَ قَوْلِهِ - عَزَّ وَجَلَّ -: {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [الْمُؤْمِنُونَ: 6] ، إِذِ الْأَوَّلُ يَقْتَضِي تَحْرِيمَ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ فِي الْوَطْءِ مُطْلَقًا، وَالثَّانِي يَقْتَضِي إِبَاحَتَهُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ، فَهَلْ يُرَجَّحُ الْمُحَرِّمُ احْتِيَاطًا، أَوِ الْمُبِيحُ أَخْذًا بِالرُّخْصَةِ

الصفحة 737