كتاب شرح مختصر الروضة (اسم الجزء: 3)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عَلَى تَعْرِيفِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ أَوْلَى. وَيَرْجِعُ حَاصِلُ الْمَثَّالِ إِلَى تَعَارُضِ نَصٍّ وَظَاهِرَيْنِ.
وَمِنْهَا تَقْدِيمُ مَا اسْتَقَلَّ بِتَعْرِيفِ الْحُكْمِ بِنَفْسِهِ، عَلَى مَا احْتَاجَ فِي تَعْرِيفِهِ إِلَى وَاسِطَةٍ أَوْ أَمْرٍ زَائِدٍ، وَمَثَّلَهُ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِخَوْلَةَ بِنْتِ يَسَارٍ فِي دَمِ الْحَيْضِ: إِذَا طَهُرْتِ فَاغْسِلِيهِ وَصَلِّي فِيهِ مَعَ قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ أَسْمَاءَ فِي دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ: حُتِّيهِ ثُمَّ اقْرُصِيهِ ثُمَّ اغْسِلِيهِ بِالْمَاءِ، قَالَ: فَالْأَوَّلُ يَقْتَضِي جَوَازَ الْغَسْلِ بِالْخَلِّ، وَالثَّانِي يَنْفِيهِ لِتَخْصِيصِهِ بِالْمَاءِ، فَيَكُونُ الْأَوَّلُ أَوْلَى لِاسْتِقْلَالِهِ بِالْحُكْمِ دُونَ زِيَادَةٍ.
قُلْتُ: أَصْلُ الْقَاعِدَةِ فِي التَّرْجِيحِ جَيِّدٌ، لَكِنْ لَيْسَ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَمْثِلَتِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ الْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ، أَوِ الْمُجْمَلِ وَالْمُبَيَّنِ، لِأَنَّهُ أَطْلَقَ الْغَسْلَ فِي الْأَوَّلِ مُجْمَلًا فِي آلَتِهِ، وَقَيَّدَ فِي الثَّانِي بِالْمَاءِ، وَبَيَّنَ أَنَّهُ الْآلَةُ فِيهِ.
وَأَمَّا عَدَمُ الِاسْتِقْلَالِ، فَهُوَ أَنْ يَحْتَاجَ أَحَدُ الدَّلِيلَيْنِ إِلَى إِضْمَارٍ أَوْ تَقْدِيرٍ دُونَ الْآخَرَ، فَيُقَدَّمُ مَا لَا يَحْتَاجُ إِلَى ذَلِكَ. أَمَّا إِذَا كَانَتْ فِي أَحَدِهِمَا زِيَادَةٌ مَنْصُوصٌ عَلَيْهَا، فَلَا يُقَالُ: إِنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِلٍّ بِالدِّلَالَةِ، إِلَّا أَنْ يُرَادَ بِالْإِضَافَةِ إِلَى مَا لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ، فَيَكُونُ عَدَمُ الِاسْتِقْلَالِ إِضَافِيًّا، لَكِنَّ هَذَا خَارِجٌ عَنِ الْمَشْهُورِ. نَعَمْ، يَرِدُ عَلَى الِاسْتِدْلَالِ بِالْغَسْلِ بِالْمَاءِ مِنْ حَدِيثِ أَسْمَاءَ أَنَّهُ مَفْهُومُ لَقَبٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَأَنَّ تَخْصِيصَ الْمَاءِ بِالذِّكْرِ فِيهِ إِنَّمَا كَانَ لِغَلَبَتِهِ، وَالْمَفْهُومِ إِذَا خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ لَا يَكُونُ حُجَّةً كَمَا سَبَقَ، وَنَظَائِرُهُ فِي مَوْضِعِهِ.

الصفحة 740