كتاب شرح مختصر الروضة (اسم الجزء: 3)

الثَّامِنَةُ: اتِّفَاقُ التَّابِعِينَ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيِ الصَّحَابَةِ إِجْمَاعٌ عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ وَالْحَنَفِيَّةِ خِلَافًا لِلْقَاضِي وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ.
لَنَا: سَبِيلُ مُؤْمِنِي عَصْرٍ فَيَنْهَضُ السَّمْعِيُّ، كَاتِّفَاقِ الصَّحَابَةِ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْهِمْ.
قَالُوا: فُتْيَا بَعْضِ الْأُمَّةِ، وَلَا يَبْطُلُ مَذْهَبُ الْمَيِّتِ بِمَوْتِهِ.
قُلْنَا: يَلْزَمُ اخْتِصَاصُ الْإِجْمَاعِ بِالصَّحَابَةِ كَقَوْلِ دَاوُدَ، وَهُوَ بَاطِلٌ بِاتِّفَاقٍ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْمَسْأَلَةُ «الثَّامِنَةُ: اتِّفَاقُ التَّابِعِينَ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيِ الصَّحَابَةِ إِجْمَاعٌ» أَيْ: إِذَا اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ عَلَى قَوْلَيْنِ، فَاتَّفَقَ التَّابِعُونَ عَلَى أَحَدِهِمَا، كَانَ ذَلِكَ إِجْمَاعًا «عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ وَالْحَنَفِيَّةِ، خِلَافًا لِلْقَاضِي وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ» حَيْثُ قَالُوا: لَيْسَ ذَلِكَ بِإِجْمَاعٍ.
قَالَ الْقَرَافِيُّ: لَنَا وَلِلشَّافِعِيَّةِ فِيهِ قَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ إِجْمَاعَهُمْ عَلَى الْخِلَافِ يَقْتَضِي أَنَّهُ الْحَقُّ، فَيَمْتَنِعُ الِاتِّفَاقُ بَعْدَهُ، أَوْ هُوَ مَشْرُوطٌ بِعَدَمِ الِاتِّفَاقِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ.
قُلْتُ: وَاخْتَارَ الْآمِدِيُّ امْتِنَاعَ الِاتِّفَاقِ بَعْدَ الْخِلَافِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مَخْصُوصًا بِالتَّابِعِينَ مَعَ الصَّحَابَةِ، بَلْ أَيُّ عَصْرٍ مِنَ الْأَعْصَارِ اخْتَلَفَ أَهْلُهُ، فَهَلْ يَصِحُّ اتِّفَاقُ أَهْلِ الْعَصْرِ بَعْدَهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ؟ وَلَا نِزَاعَ فِي إِمْكَانِ تَصَوُّرِ ذَلِكَ عَقْلًا، بَلْ فِي صِحَّتِهِ شَرْعًا.
«لَنَا:» أَيْ: عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ أَنَّ اتِّفَاقَ أَهْلِ الْعَصْرِ الثَّانِي «سَبِيلُ مُؤْمِنِي عَصْرٍ، فَيَنْهَضُ» الدَّلِيلُ «السَّمْعِيُّ» عَلَى كَوْنِهِ مَعْصُومًا، بِنَاءً عَلَى مَا سَبَقَ

الصفحة 95