كتاب الطبقات الكبرى ط دار صادر (اسم الجزء: 3)
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «§كَانَ حَمْزَةُ مُعَلَّمًا يَوْمَ بَدْرٍ بِرِيشَةِ نَعَامَةٍ» قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَحَمَلَ حَمْزَةُ لِوَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ بَنِي قَيْنُقَاعَ، وَلَمْ يَكُنِ الرَّايَاتُ يَوْمَئِذٍ " وَقُتِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَوْمَ أُحُدٍ عَلَى رَأْسِ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ شَهْرًا مِنَ الْهِجْرَةِ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً، كَانَ أَسَنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم بِأَرْبَعِ سِنِينَ، وَكَانَ رَجُلًا لَيْسَ بِالطَّوِيلِ وَلَا بِالْقَصِيرِ، قَتَلَهُ وَحْشِيُّ بْنُ حَرْبٍ وَشَقَّ بَطْنَهُ، وَأَخَذَ كَبِدَهُ، فَجَاءَ بِهَا إِلَى هِنْدِ بِنْتِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ فَمَضَغَتْهَا، ثُمَّ لَفَظَتْهَا، ثُمَّ جَاءَتْ فَمَثَّلَتْ بِحَمْزَةَ، وَجَعَلَتْ مِنْ ذَلِكَ مَسْكَتَيْنِ، وَمَعْضَدَيْنِ، وَخَدْمَتَيْنِ، حَتَّى قَدِمَتْ بِذَلِكَ وَبِكَبِدِهِ مَكَّةَ. وَكُفِّنَ حَمْزَةُ فِي بُرْدَةٍ، فَجَعَلُوا إِذَا خَمَّرُوا بِهَا رَأْسَهُ بَدَتْ قَدَمَاهُ، وَإِذَا خَمَّرُوا بِهَا رِجْلَيْهِ تَنْكَشِفُ عَنْ وَجْهِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم: «غَطُّوا وَجْهَهُ» وَجَعَلَ عَلَى رِجْلَيْهِ الْحَرْمَلَ
قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ: «§أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ كُفِّنَ فِي ثَوْبٍ.»
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ الْجَحْشِيُّ، عَنْ آبَائِهِ، قَالُوا: «§دُفِنَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ، وَحَمْزَةُ خَالُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ» قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: " وَنَزَلَ فِي قَبْرِ حَمْزَةَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعَلِيٌّ وَالزُّبَيْرُ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم جَالِسٌ عَلَى حُفْرَتِهِ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم: «رَأَيْتُ الْمَلَائِكَةَ تَغْسِلُ حَمْزَةَ لِأَنَّهُ كَانَ -[11]- جُنُبًا ذَلِكَ الْيَوْمِ» ، وَكَانَ حَمْزَةُ أَوَّلَ مَنْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْيَوْمَ مِنَ الشُّهَدَاءِ، وَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا، ثُمَّ جَمَعَ إِلَيْهِ الشُّهَدَاءَ فَكُلَّمَا أُتِيَ بِشَهِيدٍ وُضِعَ إِلَى جَنْبِ حَمْزَةَ فَصَلَّى عَلَيْهِ وَعَلَى الشَّهِيدِ، حَتَّى صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعِينَ مَرَّةً ". وَسَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم الْبُكَاءَ فِي بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ عَلَى قَتْلَاهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم: «لَكِنَّ حَمْزَةَ لَا بَوَاكِيَ لَهُ» ، فَسَمِعَ ذَلِكَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فَرَجَعَ إِلَى نِسَاءِ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ فَسَاقَهُنَّ إِلَى بَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم فَبَكَيْنَ عَلَى حَمْزَةَ، فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم فَدَعَا لَهُنَّ، وَرَدَّهُنَّ، فَلَمْ تَبْكِ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى الْيَوْمِ عَلَى مَيِّتٍ إِلَّا بَدَأَتْ بِالْبُكَاءِ عَلَى حَمْزَةَ ثُمَّ بَكَتْ عَلَى مَيِّتِهَا.
الصفحة 10