كتاب الطبقات الكبرى ط دار صادر (اسم الجزء: 3)

قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو سُفْيَانَ يَوْمَ أُحُدٍ " قَدْ كَانَتْ فِي الْقَوْمِ مُثْلَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ لَعَنْ غَيْرِ مَلَإٍ مِنِّي، مَا أَمَرْتُ وَلَا نَهَيْتُ، وَلَا أَحْبَبْتُ وَلَا كَرِهْتُ، وَلَا سَاءَنِي وَلَا سَرَّنِي، قَالَ: وَنَظَرُوا فَإِذَا حَمْزَةُ قَدْ بُقِرَ بَطْنُهُ، وَأَخَذَتْ هِنْدٌ كَبِدَهُ فَلَاكَتْهَا فَلَمْ تَسْتَطِعْ هِنْدٌ أَنْ تَأْكُلَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم: «أَكَلَتْ مِنْهَا شَيْئًا؟» قَالُوا: لَا، قَالَ: «§مَا كَانَ اللَّهُ لِيُدْخِلَ شَيْئًا مِنْ حَمْزَةَ النَّارَ»
قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم قَالَ يَوْمَ أُحُدٍ: «مَنْ رَأَى مَقْتَلَ حَمْزَةَ؟» ، فَقَالَ رَجُلٌ: أَعَزَّكَ اللَّهُ، أَنَا رَأَيْتُ مَقْتَلَهُ، قَالَ: «فَانْطَلِقْ فَأَرِنَاهُ» ، فَخَرَجَ حَتَّى §وَقَفَ عَلَى حَمْزَةَ فَرَآهُ قَدْ شُقَّ بَطْنُهُ وَقَدْ مُثِّلَ بِهِ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مُثِّلَ بِهِ وَاللَّهِ، فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ، وَوَقَفَ بَيْنَ ظَهْرَانَيِ الْقَتْلَى، فَقَالَ: «أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَاءِ، لُفُّوهُمْ فِي دِمَائِهِمْ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ جَرِيحٍ يُجْرَحُ فِي اللَّهِ إِلَّا جَاءَ جُرْحُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَدْمِي، لَوْنُهُ لَوْنُ الدَّمِ، وَرِيحُهُ رِيحُ الْمِسْكِ، قَدِّمُوا أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا فَاجْعَلُوهُ فِي اللَّحْدِ»
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلَابِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا صَالِحٌ الْمُرِّيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم وَقَفَ عَلَى حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ حَيْثُ اسْتُشْهِدَ فَنَظَرَ إِلَى مَنْظَرٍ لَمْ يَنْظُرْ إِلَى شَيْءٍ قَطُّ كَانَ أَوَجَعَ لِقَلْبِهِ مِنْهُ وَنَظَرَ إِلَيْهِ قَدْ مُثِّلَ بِهِ، فَقَالَ: «رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ، فَإِنَّكَ كُنْتَ مَا عَلِمْتُ وَصُولًا لِلرَّحِمِ -[14]-، فَعُولًا لِلْخَيْرَاتِ، وَلَوْلَا حُزْنُ مَنْ بَعْدِكَ عَلَيْكَ لَسَرَّنِي أَنْ أَتْرُكَكَ حَتَّى يَحْشُرَكَ اللَّهُ مِنْ أَرْوَاحٍ شَتَّى، أَمَا وَاللَّهِ عَلَيَّ ذَلِكَ، §لَأُمَثِّلَنَّ بِسَبْعِينَ مِنْهُمْ مَكَانَكَ» ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَالنَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلم وَاقِفٌ بِخَوَاتِيمِ النَّحْلِ: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: 126] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، فَكَفَّرَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلم عَنْ يَمِينِهِ، وَأَمْسَكَ عَنِ الَّذِي أَرَادَ وَصَبَرَ "

الصفحة 13