كتاب الطبقات الكبرى ط دار صادر (اسم الجزء: 3)
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَسْلَمَ الْهَمْدَانِيُّ قَالَ: " لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْيَمَامَةِ وَاصْطَفَّ النَّاسُ لِلْقِتَالِ، كَانَ أَوَّلَ النَّاسِ جُرِحَ أَبُو عَقِيلٍ الْأُنَيْفِيُّ، §رُمِيَ بِسَهْمٍ فَوَقَعَ بَيْنَ مَنْكِبَيْهِ وَفُؤَادِهِ فَشَطَبَ فِي غَيْرِ مَقْتَلٍ، فَأُخْرِجَ السَّهْمُ وَوَهَنَ لَهُ شِقُّهُ الْأَيْسَرِ لِمَا كَانَ فِيهِ، وَهَذَا أَوَّلُ النَّهَارِ، وَجُرَّ إِلَى الرَّحْلِ، فَلَمَّا حَمِيَ الْقِتَالُ وَانْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ وَجَازُوا رِحَالَهُمْ وَأَبُو عَقِيلٍ وَاهِنٌ مِنْ جُرْحِهِ، سَمِعَ مَعْنَ بْنَ عَدِيٍّ يَصِيحُ بِالْأَنْصَارِ: " اللَّهَ اللَّهَ، وَالْكَرَّةَ عَلَى عَدُوِّكُمْ، وَأَعْنَقَ مَعْنٌ يَقْدُمُ الْقَوْمَ، وَذَلِكَ حِينَ صَاحَتِ الْأَنْصَارُ: أَخْلِصُونَا أَخْلِصُونَا، فَأَخْلَصُوا رَجُلًا رَجُلًا يُمَيَّزُونَ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: فَنَهَضَ أَبُو عَقِيلٍ يُرِيدُ قَوْمَهُ فَقُلْتُ: مَا تُرِيدُ يَا أَبَا عَقِيلٍ؟ مَا فِيكَ قِتَالٌ، قَالَ: قَدْ نَوَّهَ الْمُنَادِي بِاسْمِي "، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَقُلْتُ: إِنَّمَا يَقُولُ: يَا لِلْأَنْصَارِ، لَا يَعْنِي الْجَرْحَى، قَالَ أَبُو عَقِيلٍ: أَنَا رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَأَنَا أُجِيبُهُ وَلَوْ حَبْوًا، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَتَحَزَّمَ أَبُو عَقِيلٍ وَأَخَذَ السَّيْفَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى مُجَرَّدًا ثُمَّ جَعَلَ يُنَادِي: يَا لِلْأَنْصَارِ، كَرَّةً كَيَوْمِ حُنَيْنٍ، فَاجْتَمَعُوا رَحِمَهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا يَقْدُمُونَ الْمُسْلِمِينَ دُرْبَةً دُونَ عَدُوِّهِمْ حَتَّى أَقْحَمُوا عَدُّوَهُمُ الْحَدِيقَةَ فَاخْتَلَطُوا وَاخْتَلَفَتِ السُّيُوفُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ
الصفحة 474