كتاب الطبقات الكبرى ط دار صادر (اسم الجزء: 3)

أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَسَدِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: " شَهِدَ أَبُو أَيُّوبَ بَدْرًا ثُمَّ لَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْ غَزَاةٍ لِلْمُسْلِمِينَ إِلَّا هُوَ فِي أُخْرَى، إِلَّا عَامًا وَاحِدًا فَإِنَّهُ اسْتُعْمِلَ عَلَى الْجَيْشِ رَجُلٌ شَابٌّ فَقَعَدَ ذَلِكَ الْعَامَ، فَجَعَلَ بَعْدَ ذَاكَ الْعَامِ يَتَلَهَّفُ وَيَقُولُ: " §مَا عَلَيَّ مَنِ اسْتُعْمِلَ عَلَيَّ، وَمَا عَلَيَّ مَنِ اسْتُعْمِلَ عَلَيَّ، وَمَا عَلَيَّ مَنِ اسْتُعْمِلَ عَلَيَّ، قَالَ: فَمَرِضَ وَعَلَى الْجَيْشِ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ فَأَتَاهُ يَعُودُهُ فَقَالَ: حَاجَتُكَ، قَالَ: نَعَمْ، حَاجَتِي إِذَا أَنَا مُتُّ فَارْكَبْ بِي، ثُمَّ سُغْ بِي فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ مَا وَجَدْتَ مَسَاغًا، فَإِذَا لَمْ تَجِدْ مَسَاغًا فَادْفِنِّي ثُمَّ ارْجِعْ، فَلَمَّا مَاتَ رَكِبَ بِهِ ثُمَّ سَارَ بِهِ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ وَمَا وَجَدَ مَسَاغًا ثُمَّ دَفَنَهُ ثُمَّ رَجَعَ، قَالَ: وَكَانَ أَبُو أَيُّوبَ رَحْمَةُ اللَّهُ عَلَيْهِ يَقُولُ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} [التوبة: 41] ، لَا أَجِدُنِي إِلَّا خَفِيفًا وَثَقِيلًا "
أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ، عَنْ عَاصِمِ ابْنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ: " أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ قَالَ لِيَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ حِينَ دَخَلَ عَلَيْهِ: «§أَقْرِئِ النَّاسَ مِنِّي السَّلَامَ، وَلْيَنْطَلِقُوا بِي فَلْيَبْعُدُوا مَا اسْتَطَاعُوا» ، قَالَ: فَحَدَّثَ يَزِيدُ النَّاسَ بِمَا قَالَ أَبُو أَيُّوبَ فَاسْتَسْلَمَ النَّاسُ فَانْطَلَقُوا بِجَنَازَتِهِ مَا اسْتَطَاعُوا " قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَتُوُفِّيَ أَبُو أَيُّوبَ عَامَ غَزَا يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ فِي خِلَافَةِ أَبِيهِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ، وَصَلَّى عَلَيْهِ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، وَقَبْرُهُ بِأَصْلِ حِصْنِ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ بِأَرْضِ الرُّومِ، فَلَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ الرُّومَ يَتَعَاهَدُونَ قَبْرَهُ وَيَرُمُّونَهُ وَيَسْتَسْقُونَ بِهِ إِذَا قَحَطُوا

الصفحة 485