كتاب الطبقات الكبرى ط دار صادر (اسم الجزء: 3)

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «§آخَى رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم بَيْنَ الْحَارِثِ بْنِ الصِّمَّةِ وَصُهَيْبِ بْنِ سِنَانٍ»
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِكْنَفٍ قَالَ: «خَرَجَ الْحَارِثُ بْنُ الصِّمَّةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم، فَلَمَّا كَانَ بِالرَّوْحَاءِ كُسِرَ، §فَرَدَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ وَضَرَبَ لَهُ بِسَهْمِهِ وَأَجْرِهِ، فَكَانَ كَمَنْ شَهِدَهَا» قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَشَهِدَ الْحَارِثُ أُحُدًا وَثَبَتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ حِينَ انْكَشَفَ النَّاسُ، وَبَايَعَهُ عَلَى الْمَوْتِ، وَقَتَلَ عُثْمَانَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيَّ وَأَخَذَ سَلَبَهُ دِرْعًا وَمِغْفَرًا وَسَيْفًا جَيِّدًا، وَلَمْ نَسْمَعْ بِأَحَدٍ سَلَبَ يَوْمَئِذٍ غَيْرُهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم فَقَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَعَانَهُ» وَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ يَقُولُ: «مَا فَعَلَ عَمِّي، مَا فَعَلَ حَمْزَةُ» فَخَرَجَ الْحَارِثُ بْنُ الصِّمَّةِ فِي طَلَبِهِ فَأَبْطَأَ، فَخَرَجَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ يَرْتَجِزُ وَيَقُولُ:
[البحر الرجز]
يَا رَبِّ إِنَّ الْحَارِثَ بْنَ الصِّمَّةْ ... كَانَ رَفِيقًا وَبِنَا ذَا ذِمَّهْ
قَدْ ضَلَّ فِي مَهَامِهٍ مُهِمَّهْ ... يَلْتَمِسُ الْجَنَّةَ فِيهَا ثَمَّهْ
حَتَّى انْتَهَى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ إِلَى الْحَارِثِ فَوَجَدَهُ وَوَجَدَ حَمْزَةَ مَقْتُولًا، فَرَجَعَا فَأَخْبَرَا النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلم، وَشَهِدَ الْحَارِثُ أَيْضًا يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ، وَقُتِلَ يَوْمَئِذٍ شَهِيدًا فِي صَفَرٍ عَلَى رَأْسِ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ شَهْرًا مِنَ الْهِجْرَةِ، وَلِلْحَارِثِ بْنِ الصِّمَّةِ الْيَوْمَ عَقِبٌ بِالْمَدِينَةِ وَبَغْدَادَ.

الصفحة 509