كتاب الطبقات الكبرى ط دار صادر (اسم الجزء: 3)
أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، وَيَعْلَى، وَمُحَمَّدُ ابْنَا عُبَيْدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ: «§انْزِلْ فَحَرِّكْ بِنَا الرِّكَابَ» ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ قُولِي ذَلِكَ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: اسْمَعْ وَأَطِعْ، وَقَالَ: فَنَزَلَ وَهُوَ يَقُولُ:
[البحر الرجز]
يَا رَبِّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا
وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا
فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا
وَثَبِّتِ الْأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا
إِنَّ الْكُفَّارَ قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا
قَالَ وَكِيعٌ وَزَادَ فِيهِ غَيْرُهُ:
وَإِنْ أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ» ، فَقَالَ عُمَرُ: وَجَبَتْ ". قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ فِي حَدِيثِهِمَا
اللَّهُمَّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: إِنَّمَا طَافَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ بِالْبَيْتِ مَعَ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلم فِي عُمْرَةِ الْقَضِيَّةِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ سَبْعٍ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ شَاعِرًا.
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ مُدْرِكِ -[528]- بْنِ عُمَارَةَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ: " مَرَرْتُ فِي مَسْجِدِ الرَّسُولِ وَرَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم جَالِسٌ وَعِنْدَهُ أُنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فِي نَاحِيَةٍ مِنْهُ، فَلَمَّا رَأَوْنِي أَضَبُّوا إِلَيَّ: يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ، يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ، فَعَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ دَعَانِي، فَانْطَلَقْتُ نَحْوَهُ، فَقَالَ: «اجْلِسْ هَاهُنَا» ، فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: «كَيْفَ تَقُولُ الشِّعْرَ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَقُولَ» ، كَأَنَّهُ يَتَعَجَّبُ لِذَاكَ، قَالَ: أَنْظُرُ فِي ذَاكَ ثُمَّ أَقُولُ، قَالَ: «§فَعَلَيْكَ بِالْمُشْرِكِينَ» ، وَلَمْ أَكُنْ هَيَّأْتُ شَيْئًا، قَالَ: فَنَظَرْتُ فِي ذَلِكَ ثُمَّ أَنْشَدْتُهُ فِيمَا أَنْشَدْتُهُ:
[البحر البسيط]
خَبِّرُونِي أَثْمَانَ الْعَبَاءِ مَتَى ... كُنْتُمْ بَطَارِيقَ أَوْ دَانَتْ لَكُمْ مُضَرُ
قَالَ: فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم كَرِهَ بَعْضَ مَا قُلْتُ، أَنِّي جَعَلْتُ قَوْمَهُ أَثْمَانَ الْعَبَاءِ فَقُلْتُ:
يَا هَاشِمَ الْخَيْرِ إِنَّ اللَّهُ فَضَّلَكُمْ ... عَلَى الْبَرِيَّةِ فَضْلًا مَا لَهُ غِيَرُ
إِنِّي تَفَرَّسْتُ فِيكَ الْخَيْرَ أَعْرِفُهُ ... فِرَاسَةً خَالَفَتْهُمْ فِي الَّذِي نَظَرُوا
وَلَوْ سَأَلْتَ أَوِ اسْتَنْصَرْتَ بَعْضَهُمُ ... فِي جُلِّ أَمْرِكَ مَا آوَوْا وَلَا نَصَرُوا
فَثَبَّتَ اللَّهُ مَا آتَاكَ مِنْ حَسَنٍ ... تَثْبِيتَ مُوسَى وَنَصْرًا كَالَّذِي نُصِرُوا
قَالَ: فَأَقْبَلَ بِوَجْهِهِ مُتَبَسِّمًا وَقَالَ: «وَإِيَّاكَ فَثَبَّتَ اللَّهُ»
الصفحة 527