كتاب الطبقات الكبرى ط دار صادر (اسم الجزء: 3)

أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نِيَارٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: " خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم إِلَى بَدْرٍ، فَلَمَّا كَانَ بِحَرَّةِ الْوَبَرَةِ أَدْرَكَهُ رَجُلٌ كَانَتْ تُذْكَرُ مِنْهُ جُرْأَةٌ وَنَجْدَةٌ، فَفَرِحَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلم حِينَ رَأَوْهُ، فَلَمَّا أَدْرَكَهُ قَالَ: جِئْتُ لِأَتَّبِعَكَ وَأُصِيبَ مَعَكَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلم: «أَتُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ؟» ، قَالَ: لَا، قَالَ: «§فَارْجِعْ، فَلَنْ نَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ» ، يَعْنِي قَالَتْ عَائِشَةُ: ثُمَّ مَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم حَتَّى إِذَا كَانَ بِالشَّجَرَةِ أَدْرَكَهُ الرَّجُلُ فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ الْأُولَى، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلم كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ، فَقَالَ الرَّجُلُ: لَا، فَقَالَ: «ارْجِعْ فَلَنْ نَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ» ، قَالَتْ: فَرَجَعَ ثُمَّ أَدْرَكَهُ بِالْبَيْدَاءِ فَقَالَ مِثْلَ مَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلم مِثْلَ مَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ: «أَتُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ؟» ، فَقَالَ الرَّجُلُ: نَعَمْ، فَقَالَ: «انْطَلِقْ» قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَهُوَ خُبَيْبُ بْنُ يَسَافٍ، وَكَانَ قَدْ تَأَخَّرَ إِسْلَامُهُ حَتَّى خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم إِلَى بَدْرٍ، فَلَحِقَهُ فَأَسْلَمَ فِي الطَّرِيقِ، وَشَهِدَ بَدْرًا، وَأُحُدًا، وَالْخَنْدَقَ، وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم، وَتُوُفِّيَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَهُوَ جَدُّ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خُبَيْبِ بْنِ يَسَافٍ الَّذِي رَوَى عَنْهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَشُعْبَةُ وَغَيْرُهُمَا، وَقَدِ انْقَرَضَ وَلَدُ خُبَيْبٍ جَمِيعًا فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ.

الصفحة 535