كتاب الطبقات الكبرى ط دار صادر (اسم الجزء: 3)

أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ نُبَيْحٍ الْعَنَزِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: " أُصِيبَ أَبِي وَخَالِي يَوْمَ أُحُدٍ، فَجَاءَتْ بِهِمَا أُمِّي قَدْ عَرَضَتْهُمَا عَلَى نَاقَةٍ، أَوْ قَالَ عَلَى جَمَلٍ، فَأَقْبَلَتْ بِهِمَا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَنَادَى مُنَادِي رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم: «§ادْفِنُوا الْقَتْلَى فِي مَصَارِعِهِمْ» ، قَالَ: فَرُدَّا حَتَّى دُفِنَا فِي مَصَارِعِهِمَا "
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: «§أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، وَعَمْرَو بْنَ الْجَمُوحِ كُفِّنَا فِي كَفَنٍ وَاحِدٍ وَقَبْرٍ وَاحِدٍ»
أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنِي الْأَوْزَاعِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم لَمَّا خَرَجَ لِدَفْنِ شُهَدَاءِ أُحُدٍ قَالَ: «§زَمِّلُوهُمْ بِجِرَاحِهِمْ، فَإِنِّي أَنَا الشَّهِيدُ عَلَيْهِمْ، مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَسِيلُ دَمًا، اللَّوْنُ لَوْنُ الزَّعْفَرَانِ، وَالرِّيحُ رِيحُ الْمِسْكِ» . قَالَ جَابِرٌ: وَكُفِّنَ أَبِي فِي نَمِرَةٍ وَاحِدَةٍ، وَكَانَ يَقُولُ صلّى الله عليه وسلم: «أَيُّ هَؤُلَاءِ كَانَ أَكْثَرَ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ؟» ، فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى الرَّجُلِ قَالَ: «قَدِّمُوهُ فِي اللَّحْدِ قَبْلَ صَاحِبِهِ» ، قَالُوا: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ أَوَّلَ قَتِيلٍ قُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ أُحُدٍ، قَتَلَهُ سُفْيَانُ بْنُ عَبْدِ شَمْسٍ أَبُو أَبِي الْأَعْوَرِ السُّلَمِيُّ، فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم قَبْلَ الْهَزِيمَةِ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم: «ادْفِنُوا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو وَعَمْرَو بْنَ الْجَمُوحِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ لِمَا كَانَ بَيْنَهُمَا مِنَ الصَّفَاءِ» ، وَقَالَ: «ادْفِنُوا هَذَيْنِ الْمُتَحَابَّيْنِ فِي الدُّنْيَا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ» . قَالَ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو رَجُلًا أَحْمَرَ، أَصْلَعَ، لَيْسَ بِالطَّوِيلِ، وَكَانَ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ رَجُلًا طَوِيلًا، فَعُرِفَا فَدُفِنَا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ، وَكَانَ قَبْرُهُمَا مِمَّا يَلِي الْمَسِيلَ فَدَخَلَهُ السَّيْلُ فَحُفِرَ عَنْهُمَا وَعَلَيْهِمَا نَمِرَتانِ وَعَبْدُ اللَّهِ قَدْ أَصَابَهُ جُرْحٌ فِي وَجْهِهِ فَيَدُهُ عَلَى جُرْحِهِ، فَأُمِيطَتْ يَدَهُ عَنْ جُرْحِهِ فَانْبَعَثَ الدَّمُ، فَرُدَّتْ يَدُهُ إِلَى مَكَانِهَا فَسَكَنَ الدَّمُ، قَالَ جَابِرٌ: فَرَأَيْتُ أَبِي فِي حُفْرَتِهِ كَأَنَّهُ نَائِمٌ وَمَا تَغَيَّرَ مِنْ حَالِهِ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ، فَقِيلَ لَهُ -[563]-: فَرَأَيْتَ أَكْفَانَهُ؟ قَالَ: إِنَّمَا كُفِّنَ فِي نَمِرَةٍ خُمِرَ بِهَا وَجْهُهُ، وَجُعِلَ عَلَى رِجْلَيْهِ الْحَرْمَلُ، فَوَجَدْنَا النَّمِرَةَ كَمَا هِيَ وَالْحَرْمَلَ عَلَى رِجْلَيْهِ عَلَى هَيْئَتِهِ، وَبَيْنَ ذَلِكَ سِتٌّ وَأَرْبَعُونَ سَنَةً، فَشَاوَرَهُمْ جَابِرٌ فِي أَنْ يُطَيَّبَ بِمِسْكٍ فَأَبَى ذَلِكَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم وَقَالُوا: لَا تُحْدِثُوا فِيْهِمْ شَيْئًا، وَحُوِّلَا مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ إِلَى مَكَانٍ آخَرَ، وَذَلِكَ أَنَّ الْقَنَاةَ كَانَتْ تَمُرُّ عَلَيْهِمَا، وَأُخْرِجُوا رِطَابًا يَتَثَنَّوْنَ "

الصفحة 562