كتاب فقه الأدعية والأذكار (اسم الجزء: 3)
السُّنَّة جاءت بتحرِّي الدعاء فيهما، ومن هذه الأدعية ما رواه البخاري ومسلم عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال للنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلاَتِي قَالَ: قُلْ: اللَّهُمَّ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْماً كَثِيراً، وَلاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ فاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ وَارْحَمْنِي، إِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ "1.
ومنها ما رواه النسائيُّ عن عطاء بن السائب، عن أبيه رضي الله عنه قال: "صَلَّى بِنَا عَمَّارُ بنُ يَاسِرٍ رضي الله عنه صَلاَةً فَأَوْجَزَ فِيهَا، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ القَوْمِ: لَقْدْ خَفَّفْتَ أَوْ أَوْجَزْتَ الصَّلاَةَ فَقَالَ: أَمَا عَلَى ذَلِكَ فَقَدْ دَعَوْتُ فِيهَا بِدَعَوَاتٍ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا قَامَ تَبِعَهُ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ هُوَ أبِي غَيْرَ أَنَّهُ كَنَّى عَنْ نَفْسِهِ فَسَأَلَهُ عَن الدُّعَاءِ ثُمَّ جَاءَ فَأَخْبَرَ بِهِ القَوْمَ: اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الغَيْبَ، وَقُدْرَتِكَ عَلَى الخَلْقِ أَحْيِنِي مَا عَلِمْتَ الحَيَاةَ خَيْراً لِي، وَتَوَفَّنِي إِذا عَلِمْتَ الوَفَاةَ خَيْراً لِي، اللَّهُمَّ وَأَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، وَأَسْأَلُكَ كَلِمَةَ الحَقِّ فِي الرِّضَا وَالغَضَبِ، وَأَسْأَلُكَ القَصْدَ فِي الفَقْرِ وَالغِنَى، وَأَسْأَلُكَ نَعِيماً لاَ يَنْفَدُ، وَأَسْأَلُكَ قُرَّةَ عَيْنٍ لاَ تَنْقَطِعُ، وَأَسْأَلُكَ الرِّضَا بَعْدَ القَضَاءِ، وَأَسْأَلُكَ بَرْدَ العَيْشِ بَعْدَ المَوْتِ، وَأَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ، وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ، فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ، وَلاَ فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ، اللَّهُمَّ زَيِّنَا بِزِينَةِ الإِيمَانِ، وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ"2.
__________
1 صحيح البخاري (رقم:834) ، وصحيح مسلم (رقم:2705) .
2 سنن النسائي (رقم:1305) ، وصحَّحه الألباني ـ رحمه الله ـ في صحيح الجامع (رقم:1301) .
الصفحة 158