صفاته الجليلة وتعدد عطاياه الجميلة، مما يستوجب على العباد أن تمتلئ قلوبُهم محبة وتعظيماً وإجلالاً له.
والحكمةُ من الإتيان بالاستغفار بعد الصلاةِ هي إظهارُ هَضْم النَّفس، وأنَّ العبدَ لَم يَقُم بحقِّ الصلاة، ولَم يأت بما ينبغي لها على التَّمام والكمال، بل لا بدَّ أن يكونَ قد وَقَعَ في شيء من النَّقص والتقصير، والمقصِّرُ يستغفرُ لعلَّه أن يُتجاوَزَ عن تقصيره، ويكونَ في استغفاره جَبْرٌ لِمَا فيه من نقص أو تقصير.
ثم يشتغل المصلِّي بعد ذلك بالتهليل، فعن وراد مولى المغيرة بن شعبة قال: كتب المغيرة إلى معاوية بن أبي سفيان: "أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا فَرَغَ مِنَ الصَلاَةِ وَسَلَّمَ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلاَ مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ" رواه البخاري ومسلم1.
وعن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما: أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ حِينَ يُسَلِّمُ: "لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَلاَ نَعْبُدُ إِلاَّ إِيَّاهُ، لَهُ النِّعْمَةُ وَلَهُ الفَضْلُ وَلَهُ الثَّنَاءُ الحَسَنُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الكَافِرُونَ وَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُهَلِّلُ بِهِنَّ دُبُرَ كُلِّ صَلاَةٍ". رواه مسلم2.
قوله: "ولا ينفَعُ ذا الجَدِّ منك الجَدُّ" أي: لا ينفع صاحب الغنى منك
__________
1 صحيح البخاري (رقم:844) ، وصحيح مسلم (رقم:593) .
2 صحيح مسلم (رقم:594) .