كتاب فقه الأدعية والأذكار (اسم الجزء: 3)

148 / دُعَاءُ القُنُوتِ فِي صَلاَةِ الوِتْرِ
الحديث هنا عن دعاء القنوت في صلاة الوتر، ففي أبي داود والنسائي وغيرهما عن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: " عَلَّمَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِي الوِتْرِ: اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ، إِنَّكَ تَقْضِي وَلاَ يُقْضَى عَلَيْكَ، وَإِنَّهُ لاَ يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، وَلاَ يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ" 1.
وهذا دعاءٌ عظيمٌ مشتملٌ على مطالب جليلة ومقاصد عظيمة، ففيه سؤال الله الهدايةَ والعافيةَ، والتوَلِّي والبركة والوقاية، مع الإقرار بأنَّ الأمورَ كلَّها بيده وتحت تدبيره، فما شاء كان وما لَم يشأ لَم يكن2.
وقوله في أوَّل هذا الدعاء: "اللَّهمَّ اهدني فيمن هديت" فيه سؤالُ الله الهداية التامَّة النافعة الجامعة لعلم العبد بالحقِّ وعمله به، فليست الهدايةُ أن يعلمَ العبدُ الحقَّ بلا عمل به، وليست كذلك أن يعمل بلا علمٍ نافعٍ يهتدي به، فالهدايةُ النافعةُ هي التوفيق للعلم النافع والعمل الصالح.
وقوله: "فيمَن هَدَيت" فيه فوائد:
أحدها: أنَّه سؤال له أن يدخلَه في جملة المهديين وزُمرتِهم ورفقتهم وحسن أولئك رفيقاً.
__________
1 سنن أبي داود (رقم:1425) ، وسنن النسائي (رقم:1745) ، وصحَّحه الألباني ـ رحمه الله ـ في صحيح أبي داود (رقم:1263) .
2 انظر في شرح هذا الدعاء: شفاء العليل لابن القيم (ص:111) ، ودروس وفتاوى في الحرم المكي للشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله ـ (ص:131 ـ 137) .

الصفحة 170