كتاب الترغيب والترهيب للمنذري ت عمارة (اسم الجزء: 3)
عيناه، فأتاه سول الله صلى الله عليه وسلم، فمسح ذِفْرَاهُ فسكت، فقال: من ربُّ هذا الجمل؟ لمن هذا الجمل؟ فجاء فتىً من الأنصار فقال: لي يا رسول الله، فقال: أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي مَلَّكَكَ الله إياها؛ فإنه شكا إليَّ أنك تُجِيعُهُ (¬1) وَتُدْئِبُهُ (¬2) " رواه أحمد وأبو داود.
23 - وروى أحمد أيضاً في حديث طويل عن يحيى بن مرة قال فيه وكنتُ معهُ، يعني مع النبي صلى الله عليه وسلم جالساً ذات يومٍ إذ جاء جملٌ يَخُبُّ (¬3) حتى ضرب (¬4)
بِجِرَانِهِ بين يديه، ثم ذرفت (¬5) عيناه، فقال: ويحك (¬6) انظر لمن هذا الجمل؟ إن له لشأناً قال: فخرجت ألتمس صاحبه فوجدته لرجلٍ من الأنصار، فدعوته إليه فقال: ما شأن جملك هذا؟ فقال: وما شأنه؟ لا أدري والله ما شأنه عملنا عليه، ونضحنا (¬7) عليه حتى عجز عن السقاية فائتمرنا (¬8) البارحة أن ننحره ونقَسِّمَ لحمه. قال: فلا تفعل، هَبْهُ لي أو بِعْنِيهِ، قال: بل هو لك يا رسول الله. قال: فوَسَمَهُ (¬9) بِمِيْسَمِ الصدَقَةِ، ثم بَعَثَ به" وإسناده جيد.
وفي رواية له نحوه إلا أنه قال فيه: إنه قال: لصاحب البعير: ما لبعيرك يشكوك؟ زعم أنك سَنَأتَهُ (¬10) حتى كَبِرَ، تريد أن تنحره (¬11) قال: صدقتَ، والذي بعثك بالحق لا أفعلُ.
وفي أخرى له أيضاً قال يعلى بن مرة: بينا نحن نسير معه يَعني مع النبي صلى الله عليه وسلم
¬_________
(¬1) تمنع عنه الطعام.
(¬2) تتعبه من شدة العمل. أنطق الله الجمل لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم معجزة له فاستغاث من صاحبه يكلفه فوق طاقته ويجيعه.
(¬3) يسرع الذهاب إليه، من خب في الأمر: أسرع الأخذ فيه، ومنه الخبب لضرب من العدو، وهو خطو فسيح دون العنق، يخب. كذا (ع) ص 97 - 2 وفي (ن ط): مخبب.
(¬4) مد عنقه على الأرض، وبرك، والجران مقدم عنق البعير من مذبحه إلى منحره.
(¬5) دمعت.
(¬6) كلمة رحمة: أي رحمه الله.
(¬7) حملنا عليه الماء، من نضح البعير الماء: حمله من نهر أو بئر لسقي الزرع، فهو ناضح لأنه ينضح العطش: أي يبله بالماء الذي يحمله.
(¬8) تشاورنا.
(¬9) علمه بعلامة.
(¬10) استقيت عليه، ومنه: إنا كنا نسنو عليه: أي نستقي، والسانية: الناقة التي يستقى عليها، والسحابة تسنو الأرض: أي تسقيها، فهي سانية أيضاً.
(¬11) تذبحه.