كتاب الترغيب والترهيب للمنذري ت عمارة (اسم الجزء: 3)
فقال عليه الصلاة والسلام: كذبتُم قد استغاث بكم فلم تُغِيثُوهُ، وأنا أولى بالرحمة منكم، فإن الله نزع الرحمة من قلوب المنافقين، وأسكنها في قلوب المؤمنين، فاشتراه عليه الصلاة والسلام منهم بمائة درهمٍ، وقال: يا أيها البعير انطلق فأنت حُرٌّ لوجه الله تعالى فَرَغَى (¬1) على هامة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عليه الصلاة والسلام: آمين (¬2)، ثم دعا فقال: آمين، ثم دعا فقال: آمين، ثم دعا الرابعة فبكى عليه الصلاة والسلام، فقلنا: يا رسول الله! ما يقول هذا البعير؟ قال: قال جزاك الله أيها النبي عن الإسلام والقرآن خيراً، فقلت: آمين، ثم قال: سَكَّنَ الله رُعْبَ أمتك يوم القيامة كما سَكَّنْتَ رُعْبِي، فقلتُ: آمين، ثم قال: حَقَنَ (¬3) الله دماء أمتك من أعدائها كما حقنت دمي، فقلتُ: آمين، ثم قال: لا جعل الله بأسها بينها فبكيتُ، فإن هذه الخصال سألتُ ربي فأعطانيها، ومنعني هذه، وأخبرني جبريل عن الله تعالى أن فناء أُمتي بالسيف (¬4) جرى القلمُ بما هو كائنٌ".
[الهدف] بفتح الهاء والدال المهملة بعدها فاء: هو ما ارتفع على وجه الأرض من بناء ونحوه.
[والحائش] بالحاء المهملة وبالشين المعجمة ممدوداً: هو جماعة النخل، ولا واحد له من لفظه.
[والحائط]: هو البستان.
[وذفرا البعير] بكسر الذال المعجمة مقصور: هي الموضع الذي يعرق في قفا البعير عند أذنه، وهما ذفريان.
¬_________
(¬1) أي أزبد وأخرج من فيه كأنه يدعو، وفي (ن د): فدعا، وفي المصباح: الرغاء صوت البعير وزان غراب، ورغت الناقة ترغو: صوتت. فهي راغية. أ. هـ.
(¬2) اللهم استجب.
(¬3) حفظ.
(¬4) بالحرب والشقاق والنزاع. إن الله تعالى أكرم أمة محمد صلى الله عليه وسلم بتأجيل عذابها في الدنيا فلم يخسف بها، أو ينزل عليها صواعق: ولكن دعا إلى الاتحاد والاعتصام بالكتاب والسنة، وإلا ففتن بها الموت الزؤام، كما قال تعالى: "أو يلبسكم شيعاً ويذيق بعضكم بأس بعض" (65 من سورة الأنعام). قال البيضاوي: يخلطكم فرقاً متحزبين على أهواء شتى فينشب القتال بينكم، نسأل الله صفاء القلوب والسلامة.