كتاب الترغيب والترهيب للمنذري ت عمارة (اسم الجزء: 3)

2 - وفي رواية لابن ماجة من حديث بُريدة قال: "سَمِعَ النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يحلفُ بأبيه فقال: "لا تحلفوا بآبائكم، من حلف بالله فَلْيَصْدُقْ (¬1)، ومن حُلِفَ لهُ بالله فَلْيَرْضَ (¬2)، ومن لم يَرْضَ بالله فليس من الله (¬3) ".

3 - وعنه رضي الله عنه: "أنه سمع رجلاً يقولُ: لا والكعبة، فقال ابن عمر: لا يُحْلَفُ بغير الله، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك (¬4) " رواه الترمذي وحسنه، وابن حبان في صحيحه، والحاكم وقال: صحيح على شرطهما.

4 - وفي رواية للحاكم: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كُلُّ يمينٍ يُحْلَفُ بها دون الله شِرْكٌ (¬5) ".

5 - وعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: "لأن أحلفَ بالله كاذباً (¬6)
¬_________
= عندهم التحريم، وبه جزم الظاهرية، وقال ابن عبد البر: لا يجوز الحلف بغير الله بالإجماع ومراده بنفي الجواز الكراهة أعم من التحريم والتنزيه، فإنه قال في موضع آخر: أجمع العلماء على أن اليمين بغير الله مكروهة منهي عنها لا يجوز لأحد الحلف بها، والخلاف موجود عند الشافعية من أجل قول الشافعي: أخشى أن يكون الحلف بغير الله معصية فأشعر بالتردد، وجمهور أصحابه على أنه للتنزيه. وقال إمام الحرمين: المذهب القطع بالكراهة وجزم غيره بالتفصيل، فإن اعتقد في المحلوف فيه من التعظيم ما يعتقده في الله حرم الحلف به، وكان بذلك الاعتقاد كافراً وعليه يتنزل الحديث المذكور، وأما إذا حلف بغير الله لاعتقاده تعظيم المحلوف به على ما يليق به من التعظيم فلا يكفر بذلك، ولا تنعقد يمينه، قال الماوردي: لا يجوز لأحد أن يحلف أحداً بغير الله لا بطلاق ولا عتاق ولا نذر، وإذا حلف الحاكم أحداً بشيء من ذلك وجب عزله لجهله. أهـ ص 426 جـ 10.
(¬1) يقل الحق ويضمر الخير، ويطهر نيته ويشعر بإجلاله الله وتعظيمه.
(¬2) فلينفذ ما حلف عليه وليبر بقسم الحالف.
(¬3) نفى عنه سبحانه وتعالى الاعتماد عليه والتوكل: أي ليس خائفاً مني، ولا وجلاً ولا شاعراً بعظتمي، ومنصرفاً لتعظيم غيري.
(¬4) أي من أقسم بغير الله تعظيماً له من دونه فقد جعل لله شريكاً، وقد خرج من الإسلام، وقد جحد نعمة الله وأنكر فضله.
(¬5) إدخال غير الله في التعظيم.
قال المناوي: أي فَعلَ فِعل أهل الشرك وتشبه بهم إذ كانت أيمانهم بآبائهم وما يعبدونه من دون الله، أو فقد أشرك غير الله في تعظيمه. أهـ عزيزي. وقال الحفني: أي فقد فعل مثل فعل المشركين، لأنهم كانوا يحلفون بأسماء آلهتهم فيكره الحلف بغير الله تعالى، ولو ولياً أو ملكاً أو نبياً. أهـ جامع صغير.
(¬6) المعنى أكثر من ذكر الله تعالى مع تغيير الأقوال الموافقة للواقع أفضل من الصدق مع القسم بغيره سبحانه.

الصفحة 606