كتاب تفسير الماوردي = النكت والعيون (اسم الجزء: 3)
وفي هؤلاء المضلين قولان: أحدهما: إبليس وذريته. الثاني: كل مضل من الخلائق كلهم. قال بعض السلف: إذا كان ذنب المرء من قبل الشهوة فارْجُه , وإذا كان من قبل الكبر فلا ترْجه , لأن إبليس كان ذنبه من قبل الكبر فلم تقبل توبته , وكان ذنب آدم من قبل الشهوة فتاب الله عليه. وقد أشار بعض الشعراء إلى هذا المعنى فقال:
(إذا ما الفتى طاح في غيّه ... فَرَجِّ الفتى للتُّقى رَجّه)
(فقد يغلط الركب نهج الط ... ريق ثم يعود إلى نهجه)
{ويوم يقول نادوا شركائي الذين زعمتم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم وجعلنا بينهم موبقا ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفا} قوله عز وجل: { ... وجعلنا بينهم موبقاً} فيه ستة أقاويل: أحدها: مجلساً , قاله الربيع. الثاني: مهلكاً , قاله ابن عباس وقتادة والضحاك , قال الشاعر:
(استغفر الله أعمالي التي سلفت ... من عثرةٍ إن تؤاخذني بها أبق)
أي أهلك , ومثله قول زهير:
(ومن يشتري حسن الثناء بماله ... يصن عرضَه من كل شنعاء موبق)
قال الفراء: جعل تواصلهم في الدنيا مهلكاً في الآخرة. الثالث: موعداً , قاله أبو عبيدة. الرابع: عداوة , قاله الحسن. الخامس: أنه واد في جهنم , قاله أنس بن مالك.