كتاب تفسير الماوردي = النكت والعيون (اسم الجزء: 3)
أحدهما: أنه للتوجه إليه في صلاته كالمُحَارِب للشيطان صلاته. الثاني: أنه مأخوذ من منزل الأشراف الذي يحارب دونه ذباً عن أهله فكأن الملائكة تحارب عن المصلي ذباً عنه ومنعاً منه. {فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُواْ بُكْرَةً وَعَشيّاً} فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أوصى إليهم , قاله ابن قتيبة. الثاني: أشار إليهم بيده، قاله الكلبي. الثالث: كتب على الأرض. والوحي في كلام العرب الكتابة ومنه قول جرير:
(كأن أخا اليهود يخط وحياً ... بكافٍ من منازلها ولام)
{أَنَ سَبِّحُواْ بُكْرَةً وَعَشِيّاً} أي صلواْ بكرة وعشياً , قاله الحسن وقتادة , وقيل للصلاة تسبيح لما فيها من التسبيح.
{يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا وحنانا من لدنا وزكاة وكان تقيا وبرا بوالديه ولم يكن جبارا عصيا وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا} قوله تعالى: {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} وفي قائله قولان: أحدهما: أنه قول زكريا ليحيى حين نشأ. الثاني: قول الله ليحيى حين بلغ. وفي هذا {الْكِتَابَ} قولان: أحدهما: صحف إبراهيم. الثاني: التوراة. {بِقُوَّةٍ} فيه وجهان: أحدهما: بجد واجتهاد، قاله مجاهد.